للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.


فقال يا أبت الست أنت أخبرتنى أن بين الجنة والنار مفازة لا تقطع إلا بدموع البكائين، فقال له ابك يا بنى فيكيا جميعا: وهكذا حكاه وهب بن منبه ومجاهد بنحوه (باب سبب قتل يحي عليه السلام) اشتهر نبى الله يحي عليه السلام بين الناس بالعلم حتى احصى مسائل التوراة واستجلى غوامضها وأحاط باصولها وفروعها وعرف بين الناس أنه جريء فى الحق شديد على الباطل لا يخشى فى الله لومة لائم ولا صولة عات ظالم، وكان بعض ملوك ذلك الزمان بدمشق يريد أن يتزوج ببعض محارمه أو من لا يحل له تزويجها فنهاه يحي عليه السلام عن ذلك، فبقى فى نفس المرآة منه فلما كان بينها وبين الملك ما يحب منها استو هبت منه دم يحي فوهبه لها، فبعثت اليه من قتله وجاء برأسه ودمه فى طشت إلى عندها فيقال إنها هلكت من فورها وساعتها، وقيل بل أحبته امرأة ذلك الملك وراسلته فأبى عليها فلما يئست منه تحيلت فى أن أستوهبته من الملك فتمنع عليها الملك ثم أجابها إلى ذلك فبعثت من قتله وأحضر اليها رأسه ودمه فى طشت، قيل ان هذه المرأة لما رأت الرأس قالت اليوم قرت عينى، فصعدت إلى سطح قصرها فسقطت منه الى الأرض ولما كلاب ضارية تحته فوثبت الكلاب عليها فأكلتها وهى تنظر وكان آخر مَا أكل منها عيناها لتعتبر، وقد اختلف فى مقتل يحي بن زكريا هل كان فى المسجد الأقصى أم بغيره؟ فقال الثورى عن الأعمش عن شمر بن عطية قال قتل على الصخرة التى ببيت المقدس سبعون نبيا منهم يحي بن زكريا عليهما السلام، وروى الحافظ ابن عساكر من طريق الوليد بن مسلم عن زيد بن واقد قال رأيت رأس يحي بن زكريا حين أرادوا بناء مسجد دمشق أخرج من تحت ركن من أركان القبلة الذى على المحراب مما يلى الشرق، فكانت البشرة والشعر على حاله لم يتغير، وفى رواية كأنما قتل الساعة، وذكر فى بناء مسجد دمشق أنه جعل تحت العمود المعروف بعمود السكاسكة فالله أعلم (ذكر قتل نبى الله زكريا عليه السلام) ذكر المؤرخون أنه لما قتل يحي وسمع أبوه بقتله فر هاربا فدخل بستانا عند بيت المقدس فيه أشجار فأرسل الملك فى طليه فقتل فى هذا المكان وقد ذكروا انه نادته شجرة فقالت هلم الى يا نبى الله فلما أتاها انشقت فدخلها فانطبقت عليه فدلهم إبليس على ذلك فنشروا به الشجرة وذكروا كلاما كثيرا لا دليل عليه من معصوم بل هو من دم بنى اسرائيل وقد انتقم الله عز وجل منهم انتقاما فظيعا، فقد جاء فى الكامل لابن الأثير ان بنى اسرائيل لما رجعوا من بابل عمروا بيت المقدس وكثروا ثم عادوا يحدثون الاحداث ويعود الله سبحانه وتعالى عليهم ويبعث فيهم الرسل ففريقا يكذبون وفريقا يقتلون حتى كان آخر من بعث الله فيهم زكريا وابنه يحي وعيسى بن مريم عليهم السلام فقتلوا يحي وزكريا فابتعث الله عليهم ملكا من ملوك بابل يقال له جودرس فسار اليهم حتى دخل عليهم الشام فلما دخل عليهم بيت المقدس قال لقائد عظيم من عسكره اسمه نبوزاذان وهو صاحب الفيل انى كنت حلفت ان ظفرت ببنى اسرائيل لأقتلهم حتى تسيل دماؤهم فى وسط عسكرى، وأمره أن يدخل المدينة ويقتلهم حتى يبلغ ذلك منهم، فدخل نبوزاذان المدينة فأقام فى المدينة التى يقربون فيها قربانهم فوجد فيها دما يغلى، فقال يا بنى اسرائيل ما شأن هذا الدم يغلى؟ فقالوا هذا دم قربان لنا لم يقبل فلذلك هو يغلى، فقال ما صدقتمونى الخبز، فقالوا انه قد انقطع منا الملك والنبوة فلذلك لم يقبل منا فذبح منهم على ذلك الدم سبعمائة وسبعين رجلا من رءوسهم فلم يهدأ فأمر بسبعمائة من علمائهم فذبحوا على الدم فلم يهدأ، فلما رأى الدم لا يبرد قال لهم يا بنى اسرائيل أصدقونى واصبروا على أمر ربكم فقد طال ما ملكتم فى الأرض تفعلون ما شئتم قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>