للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وختاما وردت في القرآن الكريم صيغ للجدال منها: )) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)) آل عمران: ٦٤

ورد في تفسير ابن كثير: هذا الخطاب يعم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن جرى مجراهم، والكلمة تطلق على الجملة المفيدة كما قال هاهنا. ثم وصفها بقوله: (سواء بيننا وبينكم) أي: عدل ونصف، نستوي نحن وأنتم فيها. ثم فسرها بقوله (ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا) ... (فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) أي: فإن تولوا عن هذا النصف وهذه الدعوة فأشهدوهم أنتم على استمراركم على الإسلام الذي شرعه الله لكم (١).

وورد في تفسير الطبري: يقول أبو جعفر: تعالوا: هلموا إلى كلمة سواء، يعني: إلى كلمة عدل بيننا وبينكم، والكلمة العدل، هي أن نوحد الله فلا نعبد غيره، ونبرأ من كل معبود سواه، فلا نشرك به شيئا.

(ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا): ولا يدين بعضنا لبعض بالطاعة فيما أمر به من معاصي الله، ويعظمه بالسجود له كما يسجد لربه. (فإن تولوا): فإن أعرضوا عما دعوتهم إليه من كلمة السواء التي أمرتك بدعائهم إليها فلم يجيبوك إليها فقولوا أيها المؤمنون للمتولين عن ذلك اشهدوا بأنا مسلمون.

واختلف أهل التأويل فيمن نزلت فيه هذه الآية: فقال بعضهم: نزلت في يهود بني إسرائيل الذين كانوا حوالي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وقال آخرون: بل نزلت في الوفد من نصارى نجران (٢).

كذلك آية: ((ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون)) (العنكبوت: (٤٦

ورد في تفسير ابن كثير:

(وجادلهم بالتي هي أحسن) أي: من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال، فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب (٣).

وفي تفسير ابن تيمية: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم) فهو أمر للمؤمنين أن يقولوا الحق الذي أوجبه الله عليهم وعلى جميع الخلق ليرضوا به الله


(١) مرجع سابق: تفسير ابن كثير باب ٦٤، ج ٢، ص ٥٥، ٥٦ (بتصرف).
(٢) تفسير الطبري باب ٦٤، ج ٦، ص ٤٨٤ - ٤٨٧.
(٣) مرجع سابق: تفسير ابن كثير باب ١٢٥، ج ٤، ص ٦١٣.

<<  <   >  >>