للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى معنى روحي تمييزا عن اليهود .. على أن المسلمين لا يعدون أيضا غسيل الجسد بديلا عن غسيل الروح، ومن المعلوم أن القرآن نسخ بعض الأحكام التي فيها الصالح العام ولجأ إلى النسخ لأنه لم يعمد إلى تقديمها بصورة مباشرة للناس؛ فقد راعى التدرج فيها في جانب التطبيق؛ كاجتناب الخمر والمسكرات، وبهذا فقد كانت الآية تنسخ الآية السابقة؛ لأنه قد حان وقت اجتنابها بعد أن كانت مباحة في السابق؛ لتهيئة المخاطب بالشرع الحنيف.

لا يعتبر عدم سفر المسيح إلى أماكن أخرى - نهيا - جرى للتلاميذ عن السفر دائما، ولا أن رسالتهم مختصة في بني إسرائيل فقط؛ حيث يستدل أنها أوامر وقتية تنتهي بانتهاء زمنها؛ فيمكن للمسيحيين السفر ونشر الدعوة دون التقيد بمكان مخصص، وعلى هذا يقاس الأمر بالشريعة.

أما في الفصل الثالث فيفترض فيه أن كلام الله لا يقبل التغيير، ويستنتج من ذلك أنه لا يقبل النسخ؛ افترض من كلام رحمت الله أنه يشترط وجود النسخة الأولى من أي كتاب مقدس حتى لو تطابقت مع النسخ اللاحقة، ليستدل بها على عدم وجود نسخ- افتراضات يبنى عليها حقائق بسرعة خاطفة حيث يقول: " لا يؤخذ منها أن التوراة انعدمت من الوجود بسبب حرق كل نسخها، كما أنه لا ينعدم القرآن إذا أحرق، لأنه كان يوجد حفظة للتوراة كما يوجد حفظة للقرآن الذين في إمكانهم أن يدونوه في الكتب " ... لكن النسخة الأولى للقرآن موجودة ومشهود على نقلها ومسندة سندا يتصل إلى زماننا الحاضر عكس الإنجيل فإن السند منقطع، ولا يدل حرق نسخ القرآن أو الإنجيل على انعدام وجود الآيات؛ فلا علاقة بين كلام الله الموجود وبين إثبات أن هذا الكلام هو كلام الله، وأن هذه النسخة من كلام الله؛ فمن أدراني أن الله تعهد بحفظ كلامه في نسخة دون أخرى، سوى اتصال ذلك السند المعتبر إلى حينه.

ما معنى قوله مثبت ولم يقدم دليل الإثبات أو السند! ؛ حيث تعرض لذلك في كتابه، ويفترض أن عزرا يوحى إليه! .

ذكر أن من أدلة السند المعتمدة للتوراة هي مبلغ عنايتهم بها، دون أي إسناد، ثم ذكر " تعدد قراءات التوراة؛ فوجود اختلافات لفظية مع وحدة المعنى أليس هذا برهانا على أنه لم يكتبها شخص واحد، ولا كتبت في عصر واحد .. ثم أنه يوجد فيها ما يشبه التناقض في أخبار بعض الوقائع، والمسائل التي ليس لها مساس في الجوهر، وهو بالحقيقة ليس بتناقض؛ فوجود شيء من هذا القبيل في أسفار التوراة مع سكوت اليهود عنه وعدم تجاسرهم على تسويته، الدليل قوي على تمسكهم بالمتون الأصلية واستحفاظهم عليها مهما يكن من أمرها " ثم ذكر _ وكان على المسلمين من باب أولى أن أزالوا شبه التناقض هذا، وخصوصا في آية: " وإن من أهل الكتاب ليؤمنن به قبل موته " إذ قرئت قبل موتهم، وهذه القراءة يزول معها الالتباس، فما كان أيسر عليهم أن يثبتوا القراءة الثانية محل الأولى، لكنهم لم يفعلوا حرصا على الأصل .. هكذا يدل وجود شبه التناقض الواقع في أسفار التوراة على أمانة أهلها ... !

وهنا لا يفرق فندر بين الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن الكريم المثبتة، والموثقة بالروايات المحفوظة، وبين التناقض اللفظي الغير مسند؛ حيث إن القراءات المختلفة وردت تخاطب قبائل العرب المختلفة في ذلك الزمن، والتي كانوا يفرقون فيها بين الألفاظ فمثلا: لفظة "اجلس" عند قبيلة تأتي بمعنى مغاير عند قبيلة أخرى، وإن أردت إثبات الجلوس فعليك

<<  <   >  >>