أن تتلفظ كلمة " اقعد " بدلا من اجلس؛ حيث الجلوس عندهم بمعنى القفز وافتراش محل الجلوس وليس القعود بالمعنى المتعارف عليه، وأن التناقض اللفظي في الإنجيل جاء بناء على عدم تقديم إثبات محل التناقض في ألفاظ الآيات لإثبات وحدة معناها - كما ورد عند العرب - فالشاهد هو ذلك الإسناد الذي يعتمد تلك الألفاظ كأنها جوهر لمعنى واحد، على شرط ألا يأتي اللفظ ونقيضه في آن واحد ككلمة اجلس ولا تجلس على أساس أنهما من نفس الجذر مع استخدام النفي؛ فهذا لا يمكن عده أصلا يعتد به في وحدة المعنى مع اختلاف اللفظ؛ لأنهما لفظان متضادان تماما؛ فالجائز هو التبديل والاستبدال بلفظة أو حرف مغاير كالسفر وأمسفر باستبدال الألف باللام لا على سبيل النفي التام - وكما ورد في الإنجيل! - ويرد رحمت الله على ذلك بإيراد عبارات التناقض؛ ففي يوحنا ٥: ٣١ (إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقا) ويوحنا ٨: ١٤ (إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق) وكاختلاف اللفظ (صانع - ضد) السلام اختلافا كليا أو تضادا كليا كما في متى ٥: ٩ - ١٠: ٣٤، ولوقا ٩: ٥٦ - ١٢: ٤٩ - ١٢: ٥١ .. فهل المسيح صانع للسلام أم ضد السلام! ؟ وبهذا يثبت الفرق بين معنى الاختلاف ومعنى التناقض.
يفترض دائما أن الإنجيل حرف بعد عصر محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأنه إن ثبت أن ما تحت أيديهم من الإنجيل هو ما كان في زمن النبي، فإنه قد ثبت عدم تحريفه!
تحدث في قضية سند الأناجيل أن كل أرقام السنوات التي يأتيها في خانة كتابة الإنجيل غالبا ما تأتي بين سنة كذا وسنة كذا، وبينهما عشر سنوات على الأقل، وليس هناك تحديد جازم لزمن كتابة الإنجيل .. يقول: تم قبول بعض الأناجيل باعتبارها وحيا، ورفض الآخر على أنها خطأ. يقول:"ويعقب .. على إحصائه " الأناجيل " بهذه الملاحظة ص ٨٠: إن بعض المسيحيين لم يقرروا رسالة يعقوب، ولا رسالة يهوذا، ولا الرسالة الثانية لبطرس، ولا رسالتي يوحنا الثانية والثالثة، ولا سفر الرؤيا، لكن بعد التحري الدقيق اقتنعنا بأن هذه الأسفار قانونية ويجب قبولها ضمن أسفار العهد الجديد، بعد التأكد القوي أنها وحي الله ". والتحري الدقيق لا يمكن قبوله دون تقديم سند واضح وجلي وهو مالم يستطع تقديمه من خلال المناظرة الكبرى بينه وبين رحمت الله علاوة على ذلك فقد أثبت التحريف في عدة مواضع ولم يستطع إثبات أو تقديم الأصل.
يستدل على أن التحريف لا يمكن حدوثه، لأن كلام الله لا يتغير، والكتاب المقدس من كلام الله - ويستدل بأقوال العلماء - وذكر أن التحريف المقصود هو تحريف كلام الرسول بعد اللقاء به، والخروج من عنده، والجدير بالذكر أن فندر لم يعش طويلا حتى يرى التحريف العصري الذي لم يقتصر فقط على تحريف السابقين والذي تنبه له الدكتور المحقق أحمد عبد القادر ملكاوي أثبت منه رحمت الله في (يوحنا ٥: ٧ - ٨) طبعة ١٨٦٥ م وطبعة ١٩٨٣ م حيث تم التحريف للانتصار لعقيدة التثليث وبالرجوع إلى طبعة ١٨٢٥ م وطبعة ١٨٢٦ م نجد أن الآب والابن والروح القدس تأتي بلفظ الروح والماء والدم، وانظر الفارق في المطبعة الكاثوليكية عام ١٩٨٢ م وطبعة مطابع الحرية عام ١٩٨٣ م فإذا كانوا يحرفون كلامه حاضرا فكيف لا يحرفون ما بأيديهم سنوات! (١).
(١) مختصر إظهار الحق، تحقيق: د. الملكاوي، ص ١٠٣ وما بعدها.