للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرياء ولكن تقريرا للحق والواقع، وإكراما لمركز الخلافة، فأجابه الشيخ رحمت الله بأن هذا غرض ديني سام، يجب أن يكون خالصا لوجه الله ولا يشوبه أي غرض دنيوي أو تزلف إلى سلطان، وأن الشيخ دحلان هو أول من اقترح عليه ذلك، فكان جوابه مقبولا، وارتفع في عين السلطان، وعرف أنه من طلاب الآخرة (١).

قواعد رحمت الله مقارنة بسابقيه: - من منظور الدكتور ملكاوي- من خلال ما خبر من تحقيقاته العلمية (٢):

ولئن كان العلماء قديما وحديثا يعدون العدالة في البحث، وعدم ظلم الخصم وتقرير حجته كما وردت، والابتعاد عن الفحش والبذاءة والتجريح، من صفات البحث النزيه، ومن علامات الباحث عن الحق، فإن هذه الأشياء تجدها واضحة في كتاب (إظهار الحق)، ونلمح بالإضافة إليها المميزات التالية التي امتاز بها هذا الكتاب.

- خطة الهجوم

كثير من العلماء الذين كانوا يتعرضون للرد على المنصرين والمستشرقين يضعون دينهم موضع المتهم ويقفون موقف الدفاع عنه فقط، إلا أن الشيخ رحمت الله في كتاب إظهار الحق - وكذا في مناظرته - لم يكتف بموقف الدفاع عن العقائد الإسلامية، بل سلك مسلك الهجوم على الخصم وعقائده وأدلته وكتبه، وألجأ خصمه إلى موقف الدفاع بدل الهجوم، ولا يخفى ما في خطة الهجوم هذه من تأثير في أفكار الخصم، وزلزلة معتقداته التي استعلى بها زمنا طويلا.

- كتب العهدين تاريخ غث

كثير من العلماء يضعون التوراة والإنجيل والقرآن على قدم المساواة أثناء ردودهم، وهذا ما يريده أعداء الإسلام؛ لأن كتبهم المحرفة الوضعية ترتفع بذلك إلى منزلة تكسبها الثقة والتقدير، علما بأن أهل الكتاب لا يدعون أنها كلام الله بألفاظها ونصوصها، فأبان الشيخ رحمت الله في كتابه إظهار الحق عن هذه الحقيقة التي يجب على المتعرض لهذا الموضوع اصطحابها، وعلى المقارن بين الكتب الثلاثة أن يعرف ابتداء أن كتب العهدين لا تعدو أن تكون روايات تاريخية مختلطة والغث منها كثير، ولا تصل بأية حال إلى مستوى أقل كتب السيرة شأنا عند المسلمين، وأنها ألفت في فترات زمنية مختلفة، وفيها أقوال وأفعال منسوبة لغير واضعيها، بل قد يكون السفر منها بأكمله منسوبا لغير كاتبيه، وعلى فرض صحته فالسند مفقود.

- أدلة واضحة ونتائج علمية قاطعة


(١) المرجع السابق، ص ٤٥ (بتصرف يسير).
(٢) المرجع السابق، ص ٨٣ وما بعدها.

<<  <   >  >>