للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فادعى أن عيسى عليه السلام أخبر بمحمد أو أحمد، لكن الصحيح أنه بارا كلي طوس) انتهى ملخصا من كلامه.

[يستدرك رحمة الله] ويقول: إن التفاوت يسير جدا، وإن الحروف اليونانية كانت متشابهة، فتبدل ((بير كلوطوس ببارا كلي طوس)) في بعض النسخ من الكاتب قريب القياس، ثم رجح أهل التثليث المنكرين هذه النسخة على النسخ الأخر، ومن تأمل في الباب الثاني من هذا الكتاب، والأمر السابع من هذا المسلك بنظر الانصاف، اعتقد يقينا بأن مثل هذا الأمر من أهل التثليث ليس ببعيد، بل لا يبعد أن يكون من المستحسنات. ثم أورد شبهات النصارى فيها ورد عليها جميعها.

الفصل الثاني: (في دفع المطاعن) (١)

يقول رحمت الله في عصمة الأنبياء:

إن المسيحيين يدعون أن الأنبياء إنما يكونون معصومين في تبليغ الوحي فقط، تقريراً كان أو تحريراً. وأما في غير التبليغ، فليسوا بمعصومين لا قبل النبوّة ولا بعدها. فيصدر عنهم بعدها جميع الذنوب قصداً، فضلاً عن الخطأ والنسيان، فيصدر عنهم الزنا بالمحارم فضلاً عن الأجنبيات، ويصدر عنهم عبادة الأوثان، وبناء المعابد لها، ولا يخرج عندهم نبي من إبراهيم إلى يحيى عليهما السلام لا يكون زانياً أو من أولاد الزنا أعاذنا الله من أمثال هذه العقائد الفاسدة في حق الأنبياء عليهم السلام.

فيجيب رحمت الله: وقد عرفت أن ادعاءهم العصمة في التبليغ أيضاً باطل لا أصل له على أصولهم، ويصدر هذا الادعاء عنهم لتغليط العوام، فمطاعنهم على محمد صلى الله عليه وسلم في بعض الأمور التي يفهمونها ذنوباً في زعمهم الفاسد، لا تقدح في نبوته على أصولهم. وإنه وإن كان يستكره أن ينقل ذنوب الأنبياء والكفريات المفتريات عن كتبهم ولو إلزاماً، ولا يعتقد في حضرات الأنبياء إنصافهم بهذه الذنوب والكفريات حاشا وكلا. لكنه لما رأى أن علماء بروتستنت أطالوا ألسنتهم إطالة فاحشة في حق محمد صلى الله عليه وسلم في الأمور الخفيفة، وجعلوا الخردلة جبلاً لتغليط العوام الغير الواقفين على كتبهم، وكان مظنة وقوع السذج في الاشتباه بتمويهاتهم الباطلة، نقل بعضها إلزاماً، ويتبرأ عن اعتقادها بألف لسان وليس نقلها إلا كنقل كلمات الكفر، ونقل الكفر ليس بكفر، وقدم نقلها على نقل مطاعنهم في محمد صلى الله عليه وسلم والجواب عنها، وكتب القسيس وليم اسمت من علماء بروتستنت كتاباً في لسان أردو وطبعه في البلد مرزابور من بلاد الهند في سنة ١٨٤٨ من الميلاد، وسماه طريق الأولياء، وكتب فيه حال الأنبياء من آدم إلى يعقوب عليهم السلام ناقلاً عن سفر التكوين وتفاسيره المعتبرة عند علماء بروتستنت، فنقل بعض المواضع عن هذا الكتاب أيضاً.

ثم أورد رحمت الله أربعة مطاعن: مطعن الجهادثم مطعن معجزاته صلى الله عليه وسلم ثم مطعن النساء وبقية المطاعن الأخرى (٢).


(١) انظر المرجع السابق، ص ١٢٥٦ وما بعدها.
(٢) انظرالمرجع السابق، ص ١٣٠٦ وما بعدها.

<<  <   >  >>