للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَتَى أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ؛ كَـ (شَيْءٍ) وَ (ثَوْبٍ) وَطُولبَ بِالْبَيَانِ فَامْتَنَعَ .. فالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يُحْبَس، وَلَوْ بَيَّنَ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ .. فَلْيُبيِّنْ وَلْيَدَّعِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي نَفْيِهِ. وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بأَلْفٍ فِي يَوْمٍ آخَرَ .. لَزِمَهُ أَلْفٌ فَقَطْ، وَلَوِ اخْتَلَفَ الْقَدْرُ .. دَخَلَ الأَقَلُّ فِي الأَكْثَرِ، فَلَوْ وَصَفَهُمَا بِصفَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، أَوْ أَسْنَدَهُمَا إِلَى جِهَتَيْنِ،

===

وفرق الأولون: بأن التأكيد في الطلاق أكثر منه في الإقرار؛ لأنه يقصد به التخويف والتهديد، بخلاف الإقرار، وعلى هذا: لو كرره مئة مرة أو أكثر .. لزمه بعدده.

(ومتى أقر بمبهم؛ كـ "شيء" و"ثوب" وطولب بالبيان فامتنع .. فالصحيح: أنه يُحبَس) لأن البيان واجب عليه، فإذا امتنع منه .. حبس؛ كالممتنع من أداء الدين، والثاني: لا يحبس؛ لأنه قد لا يعلمه، هذا إذا لم يمكن معرفة المقَر به دون مراجعته، فإن أمكن .. لم يحبس قطعًا، وذلك بأن يحيله على مُعرِّف؛ كقوله: (بزنة هذه الصنجة)، أو (بالعدد المكتوب في كتاب كذا)، أو (بقدر ما باع به فلان فرسه)، ونحوه، فيرجع إلى ما أحال عليه أو يمكن استخراجه بالحساب، وقد ذكر الرافعي في "شرحه" من ذلك جملة (١).

(ولو بيّن) إقرارَه المبهمَ (وكذَّبه المقَر له .. فليبيّن) المقَر له مقدارًا (وليدَّع) به، (والقول قول المقِر في نفيه) أي: في نفي ما ادعاه المقَر له.

(ولو أقر له بألف، ثم أقر له بألف في يوم آخر .. لزمه ألف فقط) لأن الإقرار إخبار، وتعدد الخبر لا يقتضي تعدد المخبر عنه، وسواء وقع الإقرار في مجلس أو في مجلسين، وسواء كتب بكلٍّ منهما وثيقة وأشهد عليه فيهما أم لا.

(ولو اختلف القدر) بأن أقر في يوم بألف وفي آخر بخمس مئة ( .. دخل الأقلُّ في الأكثر) إذ يحتمل: أنه ذكر بعض ما أقر به أولًا.

(فلو وصفهما بصفتين مختلفتين) بأن قال مرة: (مئة صحاح)، وأخرى: (مكسرة)، (أو أسندهما إلى جهتين) بأن قال: (له علي ألف من ثمن مبيع)، وقال مرة: (ألف بدل قرض).


(١) الشرح الكبير (٥/ ٣٢٩ - ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>