للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتابُ الجراح

الْفِعْلُ الْمُزْهِقُ ثَلَاثةٌ: عَمْدٌ، وَخَطَأٌ، وَشِبْهُ عَمْدٍ.

===

[كتاب الجراح]

هو: جمع جراحة بكسر (الجيم)، والمراد: ما يحصل به الزهوق، أو الإبانة، أو ما لا يُحصِّل واحدًا منهما، ولما كانت الجراحة تارة تبين عضوًا، وتارة تزهق نفسًا إما بالمباشرة أو بالسراية، وتارة لا تفعل ذلك. . جمعها؛ لاختلاف أنواعها.

وإنما ترجم بـ (الجراح) وإن كان التبويب بـ (الجنايات) أشمل؛ لصدقه على الجناية بالمحدد والمثقل، وعلى غير القتل؛ كالزنا والقذف والشرب والسرقة؛ لأن الجراح أغلب طرق القتل.

والأصل في ابتداء القتل وتحريمه: ما ذكره الله تعالى من قصة ابني آدم هابيل وقابيل، وقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}.

ومن السنة: أحاديث كثيرة مشهورة سنورد بعضها في محالّها.

والقتل بغير حق أكبر الكبائر بعد الكفر.

وإذا قتل ظلمًا واقتص الوارث، أو عفا على مال أو مجانًا. . فظواهر الشرع تقتضي سقوط المطالبة في الدار الآخرة؛ كما قاله المصنف في "فتاويه"، وذكر مثله في "شرح مسلم" (١)، لكن ظاهر تعبير "الشرح" و"الروضة" يدل على بقاء العقوبة؛ فإنهما قالا: ويتعلق بالقتل المحرم وراء العقوبة الأخروية مؤاخذات في الدنيا (٢).

(الفعل المزهق) للروح (ثلاثة: عمد، وخطأ، وشبه عمد) وجه الحصر: أن الجاني إن لم يقصد عين المجني عليه. . فهو الخطأ، وإن قصده؛ فإن كان بما يقتل غالبًا. . فهو العمد، وإلا. . فشبه العمد.

وتقييد الفعل بالإزهاق: يخرج الجناية على الأطراف مع أنها كذلك، ويؤخذ ذلك من قوله بعدُ: (يشترط لقصاص الطرف والجرح ما شُرط للنفس).


(١) فتاوى الإمام النووي (ص ٢١٨)، شرح صحيح مسلم (١٧/ ٨٣).
(٢) الشرح الكبير (١٠/ ١١٨)، روضة الطالبين (٩/ ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>