للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مولده ونشأته]

ولد الإمام رضي الله عنه بـ (نَوَى) في شهر محرم الحرام، سنة إحدى وثلاثين وست مئة للهجرة النبوية الشريفة (١)، وبها نشأ وترعرع.

كانت بدايته رضي الله عنه مشرقة، فهذا أبوه يحدثنا عن شيء من ذلك فيذكر: أن الشيخ كان نائمًا إلى جنبه وقد بلغ من العمر سبع سنين، ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، فانتبه نحوَ نصف الليل وأيقظني، وقال: يا أبت؛ ما هذا الضوء الذي قد ملأ الدار؟ ! فاستيقظ أهله جميعًا فلم نر كلُّنا شيئًا، قال والده: فعرفت أنها ليلة القدر (٢).

ويحدثنا أيضًا تلميذه العلامة ابن العطار رحمه الله تعالى عن أمر آخر فيقول: (ذكر لي الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي ولي الله رحمه الله تعالى قال: رأيت الشيخ محيى الدين وهو ابن عشر سنين بنوى، والصبيان يُكرهونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم ويبكي لإكراههم، ويقرأ القرآن في هذه الحالة، فوقع في قلبي محبته، وكان قد جعله أبوه في دكان، فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن، قال: فأتيت معلمه الذي يقرئه القرآن، فوصيته به، فقلت له: هذا الصبي يرجى أن يكون أعلمَ أهل زمانه وأزهدَهم، وينتفع الناس به، فقال لي: أَمنَجِّمٌ أنت؟ فقلت: لا، وإنما أنطقني الله بذلك، فذكر المعلم ذلك لوالده، فحرص عليه إلى أن ختم القرآن وقد ناهز الاحتلام) (٣).

هذا في (نوى)، أما في (دمشق) .. فقد أتاها وهو في التاسعة عشرة من العمر، سنة تسع وأربعين وست مئة طالبًا للعلم، فسكن المدرسة الرواحية، وانطلق في طلب العلم بهمة قعساء، وعزم ماض، ونشاط منقطع النظير. فأكْرِمْ بها من نشأة.


(١) ذهب أكثر من ترجم له إلى أنه ولد في أواسط المحرم، بينما ذهب بعض منهم إلى أنه ولد في العشر الأول منه، والمعتمد الأول، كما جاء في "حياة الإمام النووي" (ص ٣)، والله أعلم.
(٢) تحفة الطالبين (ص ٣)، وطبقات الشافعية الكبرى (٨/ ٣٩٦).
(٣) تحفة الطالبين (ص ٣ - ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>