للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابُ الحَوالة

يُشْتَرَطُ لَهَا: رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ، لَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي الأَصَحِّ. وَلَا تَصحُّ عَلَى مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: تَصحُّ بِرِضَاهُ.

===

[باب الحوالة]

هي بفتح الحاء، وحكي كسرُها، وهي في اللغة: الانتقال؛ من قولهم: (حال عن العهد) إذا انتقل عنه، وفي الاصطلاح: تطلق على شيئين: أحدهما: انتقال الدين من ذمة إلى ذمة، الثاني: العقد الذي يحصل به الانتقالُ، وهذا هو غالب استعمال الفقهاء، وهي مجمع عليها.

والأصح: أنها بيع، فكأن المحيل باع المحتال مالَه في ذمة المحال عليه بما للمحتال في ذمته، وقيل: هي استيفاء، وصححه السبكي، وفسر الشيخان الاستيفاء: بأن المحتال كأنه استوفى ما على المحيل، وأقرضه المحال عليه (١).

وإذا قلنا: إنها بيع. . فالأصح: أنها بيع دين بدين جوز للحاجة، وقيل: بيع عين بعين، وقيل: بيع عين بدين.

(يشترط لها رضا المحيل) لأن الحقَّ في ذمته مرسل، فلا يتعين قضاؤه في محلٍّ معين؛ كما لو طلب منه الوفاء من كيس بعينه.

(والمحتال) لأن حقَّه في ذمة المحيل، فلا ينتقل إلى غيره إلا برضاه، لأن الذمم تتفاوت، وطريق الوقوف على تراضيهما إنما هو الإيجاب والقبول على ما مرَّ في البيع، ويعتبر في المحيل والمحتال أهلية التصرف كسائر المعاملات.

(لا المحال عليه في الأصحِّ) لأن الحقَّ للمحيل، فله أن يستوفي بنفسه وبغيره؛ كما له أن يوكل، ولأن المحال عليه محلُّ التصرف فأشبه العبد المبيع، والثاني: يشترط؛ لأنه أحدُ أركان الحوالة؛ كالمحيل والمحتال.

(ولا تصحُّ على من لا دين عليه) بناء على أنها بيع؛ لأنه ليس على المحال عليه شيء يجعله عوضًا عن حقِّ المحتال، (وقيل: تصحُّ برضاه) بناء على أنها استيفاء؛


(١) روضة الطالبين (٤/ ٢٢٨)، الشرح الكبير (٥/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>