للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتابُ الهِبَة

التَّمْلِيكُ بِلَا عِوَضٍ هِبَةٌ، فَإِنْ مَلَّكَ مُحْتَاجًا لِثَوَابِ الآخِرَةِ .. فَصَدَقَةٌ، فَإِنْ نَقَلَهُ إِلَى مَكَانِ الْمَوْهُوبِ لَهُ إِكْرَامًا .. فَهَدِيَّةٌ. وَشَرْطُ الْهِبَةِ: إِيجَابٌ وَقَبُولٌ لَفْظًا،

===

[كتاب الهبة]

أصلها: من هبوب الريح؛ أي: مروره، واستأنسوا لها، بقوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} قيل: المراد منها: الهبة، وقوله تعالى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} قيل: المراد بها: الهبة والصدقة، وفي "البيهقي" بإسناد ضعيف: "تَهَادُوا تَحَابُّوا"، ورواه البخاري في كتاب "الأدب" (١).

(التمليك بلا عوض هبة، فإن ملّك محتاجًا لثواب الآخرة .. فصدقةٌ، فإن نقله) بنفسه أو بغيره (إلى مكان الموهوب له إكرامًا .. فهدية) فخمتاز الصدقة عن الهبة بقصد ثواب الآخرة، وتمتاز الهدية عن الهبة بالنقل، فكلُّ صدقة وهدية هبة، ولا ينعكس.

ولا حاجة لقوله: (محتاجًا)؛ فإن الصدقة على الغني جائزة، ويثاب عليها إذا قصد القربة.

وقوله: (إكرامًا) قال السبكي: الظاهر: أنه ليس شرطًا، بل الشرط: النقل؛ ولهذا لا يدخل العقار في الهدية، قال الزركشي: وقد يقال: إنه احترز عن الرشوة.

والصدقة أفضل هذه الأنواع.

(وشرط الهبة: إيجاب وقبول لفظًا) لأنه تمليك في الحياة؛ كالبيع. وفي انعقادها بالمعاطاة الخلاف في البيع، واختار في "شرح المهذب" صحتَها بها، وفي انعقادها بالكناية مع النية الخلاف في البيع، قاله في "الذخائر" و"المطلب"، وفي كلام الرافعي إشارة إليه (٢).

ويستثنى من اشتراط القبول: صور؛ منها: الهبة الضمنية؛ كـ (أعتق عبدك عني) فأعتقه .. فإنه يدخل في ملكه هبة، ويعتق عليه، ومنها: لو اشترى حليًّا لولده الصغير


(١) سنن البيهقي (٦/ ١٦٩)، الأدب المفرد (٥٩٤) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) المجموع (١٦/ ٢٧٣)، الشرح الكبير (٦/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>