للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ [في أحكام عقد الجزية]

يَلْزَمُنَا الْكَفُّ عَنْهُمْ، وَضَمَانُ مَا نُتْلِفُهُ عَلَيْهِمْ نَفْسًا وَمَالًا، وَدَفْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَنْهُمْ، وَقِيلَ: إِنِ انْفَرَدُوا بِبَلَدٍ .. لَمْ يَلْزَمْنَا المدَّفْعُ. وَنَمْنَعُهُمْ إِحْدَاثَ كَنِيسَةٍ فِي بَلَدٍ أَحْدَثناهُ أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً .. لَا يُحْدِثُونَهَا فِيهِ - وَلَا يُقَرُّونَ عَلَى كَنِيسَةٍ كَانَتْ فِيهِ فِي الأَصحِّ

===

(فصل: يلزمنا الكفُّ عنهم، وضمانُ ما نتلفه عليهم نفسًا ومالًا، ودفعُ أهل الحرب عنهم) لأنهم إنما بذلوا الجزية لعصمة الدماء والأموال، (وقيل: إن انفردوا ببلد .. لم يلزمنا الدفع) كما لا يلزمهم الذب عنا عند طروق عدو لنا، والأصحُّ: اللزوم إذا أمكن؛ إلحاقًا لهم بأهل الإسلام في العصمة والصيانة.

ومحل الخلاف: عند إطلاق العقد، فإن جرى شرط الذب عنهم .. وجب الوفاء به قطعًا، وفيه احتمال للإمام (١)، ولو كانوا مستوطنين بدار الحرب وبذلوا الجزية .. فلا يلزمنا الذب عنهم قطعًا.

(ونمنعهم) وجوبًا (إحداث كنيسةٍ) وبيعةٍ وبيتِ نار مجوسي (في بلد أحدثناه) كبغداد (أو أسلم أهله عليه) كاليمن؛ لأنه معصية، فلا يجوز في دار الإسلام.

هذا إذا بني ذلك للتعبد، فإن بني لنزول المارة .. جاز إن كان لعموم الناس، فإن قَصَروها على أهل دينهم .. فوجهان في "الروضة" و"أصلها" آخرَ الباب بلا ترجيح، وجزم في "البيان" بالجواز (٢).

(وما فتح عنوةً) كأصبهان ( .. لا يحدثونها فيه) لأن المسلمين قد ملكوها بالاستيلاء، فيمتنع جعلها كنيسة، (ولا يقرون على كنيسة كانت فيه في الأصح) لما قلناه، والثاني: يقرون؛ لأن المصلحة قد تقتضي ذلك، وليس فيه إحداث ما لم يكن، وصححه الماوردي (٣).


(١) نهاية المطلب (١٨/ ٣٦).
(٢) روضة الطالبين (١٠/ ٣٣٣)، الشرح الكبير (١١/ ٥٥٣).
(٣) الحاوي الكبير (١٨/ ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>