للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتابُ العاريَّة

شَرْطُ الْمُعِيرِ: صِحَّةُ تَبَرُّعِهِ،

===

(كتابُ العاريَّة)

هي بتشديد الياء وتخفيفها، أصلها من عَارَ: إذا ذهب وجاء، ومنه قيل للغلام الخفيف: عيّار؛ لكثرة ذهابه ومجيئه.

وقولُ الجوهري: إنها مشتقة من العار (١) معترض؛ لأنه صلى الله عليه وسلم فعلها (٢).

قال ابن الرفعة: وحقيقة العارية شرعًا: إباحة الانتفاع بما يحلُّ الانتفاع به مع بقاء عينه؛ ليردَّها عليه (٣).

وهي مستحبة؛ لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، وقوله تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}؛ فإن جمهور المفسّرين على أن المراد بذلك: ما يستعيره الجيران بعضُهم من بعض، قاله في "المحرر" (٤).

وكانت واجبةً في أول الإسلام (٥)، وقد فعلها عليه السلام (٦)، وأفتى الزبيري: بوجوب إعارة ما كُتِب عليه طبقة السماع؛ لينقل السامع منه.

(شرطُ المعير: صحةُ تبرعه) لأن الإعارة تبرع، فمن لا يتبرع؛ كالمكاتب وغيره من المحجورين .. لا يعير.

وكان ينبغي أن يقول: (تبرع ناجز) لأن السفيه أهلٌ للتبرع بالوصية ولا تصحُّ عاريته.

نعم؛ قال الماوردي: يجوز له إعارة بدنه إذا كان عمله ليس مقصودًا في كسبه؛


(١) الصحاح (٢/ ٦٥٣).
(٢) أخرجه الحاكم (٢/ ٤٧)، وأبو داوود (٣٥٦٢) عن صفوان بن أمية رضي الله عنه.
(٣) كفاية النبيه (١٠/ ٣٥٦).
(٤) المحرر (ص ٢٠٨)، في جميع النسخ: (قال في "المحرر")، ولعل الصواب ما أثبت.
(٥) ذكر ذلك الإمام الروياني في "بحر المذهب" (٦/ ٣٩١).
(٦) أخرجه البخاري (٢٦٢٧)، ومسلم (٢٣٠٧/ ٤٩) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>