للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[خُطْبَة المَتن]

الْحَمْدُ للهِ الْبَرِّ الْجَوَادِ، الَّذِي جَلَّتْ نِعَمُهُ عَنِ الإِحْصَاءِ بِالأَعْدَادِ،

===

(الحمد لله) افتتح المصنفُ كتابَه بالحمد بعد البسملة؛ تَأسيًا بالكتاب العزيز، ولحديث "كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللهِ فَهُوَ أَجْذَمُ" رواه أبو داوود، وابن حبان في "صحيحه" (١).

ومعنى (ذي بال) أي: حالٍ يُهتَمُّ به، و (الأجذم) بالجيم والذال المعجمة: الأقطعُ، ومعناه: أنه مقطوعُ البركةِ، و (الحمد): هو الثناءُ على المحمود بذكرِ صفاتِه الجميلة (٢)، وأفعالِه الحسنةِ، سواءٌ أكان في مقابلةِ نعمةٍ أم لا.

و(الشكر): ما كان في مقابلةِ نعمةٍ، سواءٌ أكان قولًا أم فعلًا.

فـ (الحمد) لا يكون إلا باللسان، و (الشكرُ) يكون باللسان وغيره، وحينئذٍ فبَين (الحمدِ) و (الشكرِ) عمومٌ وخصوصٌ من وجهٍ، فـ (الحمد) أعمُّ من (الشكر) باعتبار ما يقعان عليه، و (الشكرُ) أعمّ من (الحمد) باعتبار ما يقعان به، والألف واللام في (الحمد) للعموم؛ أي: يستحق المحامدَ كلَّها.

وقَرَنَ (الحمد) بـ (الله) دون سائرِ أسمائه؛ لأنه اسمُ الذات، فيستحقُّ جميع صفاته الحسنى، ونقل البَنْدَنيجيّ عن أكثر أهلِ العلم أنه الاسمُ الأعظمُ.

(البرّ) بفتح الباء، معناه: المحسن، وقيل: اللطيف، وقيل: الصادق فيما وَعد، وقيل: خالق البِرِّ بكسر الباء الذي هو اسم جامع للخير، (الجواد) بالتخفيف كثير الجود، من قولهم: مطرٌ جوادٌ: إذا كان كثيرًا، وقد خرج الترمذي في "جامعه" حديثًا مرفوعًا، ذكر فيه عن الرب سبحانه وتعالى أنه قال: (وذلك أني جوادٌ ماجدٌ)، وذكره البيهقي في كتابه "الأسماء والصفات" وروى فيه حديثًا) (٣).

(الذي جلت) عَظُمتْ (نعمُه) إحسانُه (عن الإحصاء) أي: الضبطِ (بالأعداد) الأعدادُ جمع عددٍ " أي: نعمُ الله أعظمُ من أن يَحصرها العددُ.


(١) سنن أبي داوود (٤٨٤٠)، صحيح ابن حبان (١، ٢) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) في (ب) و (د): (هو الثناء على الشخص).
(٣) سنن الترمذي (٢٤٩٥) عن أبي ذر رضي الله عنه، الأسماء والصفات (ص ٨٥ - ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>