للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ [في الاستثناء]

يَصحُّ الاسْتِثْنَاءُ بِشَرْطِ اتِّصَالِهِ، وَلَا تَضُرُّ سَكْتَةُ تنَفُّسٍ وَعِيٍّ. قُلْتُ: ويُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الاسْتِثْنَاءَ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ فِي الأَصَحِّ، وَاللهُ أَعْلَمُ. ويُشْتَرَطُ عَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ،

===

(فصل: يصح الاستثناء) لوقوعه في القرآن والسنة وكلام العرب، والاستثناء يطلق على نوعين، أحدهما: الإخراج بـ (إلا) وأخواتها، والثاني: التعليق بمشيئة الله تعالى، وتسمية هذا استثناء مشهور في عرف الشرع.

(بشرط اتصاله) بإجماع أهل اللغة، كذا احتج به الأصوليون، واعتُرض بخلاف ابن عباس، فإن انفصل فهو لغو.

(ولا تضر سكتة تنفس وعي) لأن ذلك لا يشعر بالانفصال، ويعد في العادة متصلًا قال الإمام: والاتصال المشروط هنا أبلغ مما يشترط بين الإيجاب والقبول؛ لأنه يحتمل بين كلام شخصين ما لا يحتمل بين كلام شخص واحد، ولذلك لا ينقطع الإيجاب والقبول بتخلل كلام يسير في الأصحِّ، وينقطع الاستثناء بذلك على الصحيح، كذا نقله عنه الشيخان، وأقراه (١)، وقد حكينا في أول (كتاب البيع) اضطرابًا في تخلل الكلام اليسير.

(قلت: ويشترط: أن ينوي الاستثناء قبل فراغ اليمين في الأصح، والله أعلم) سواء وجد في أول اليمين فقط، أو في أثنائها فقط، أو في آخرها فقط، فلو لم يستثن إلا بعد فراغ اليمين لم يصح، وحكى الفارسي فيه الإجماع، لكن فيه وجه عن الأستاذ أبي إسحق: أنه يصح، ورجحه جمع، وقال ابن الرفعة: إن نص الشافعي يقتضيه.

(ويشترط: عدم استغراقه) فالمستغرق باطل بالإجماع؛ كما نقله الإمام والآمدي (٢)، ويشترط أيضًا: التلفظ بالاستثناء بحيث يسمع نفسه، فلو نواه من غير تلفظ لم يؤثر.


(١) روضة الطالبين (٨/ ٩١)، الشرح الكبير (٩/ ٢٦).
(٢) الإحكام في أصول الأحكام (٢/ ٤٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>