للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتابُ السِّيَر

كَانَ الْجِهَادُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَقِيلَ: عَيْنٍ،

===

[كتاب السير]

هو جمع سيرة، وهي الطريقة، وترجمه بذلك؛ لأن أحكامه متلقاة من سير النبي صلى الله عليه وسلم في غزواته.

والأصل فيه قبل الإجماع: قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ}، {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}، {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}، والسنن الصحيحة طافحة به، وبالحث عليه، وبيان فضله.

(كان الجهاد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض كفاية)، أما كونه فرضًا. . فبالإجماع، وأما كونه على الكفاية. . فلقوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}. . . إلى قوله: {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}، فذكر فضل المجاهدين، ووعد القاعدين بالحسنى أيضًا، والعاصي لا يوعد بالحسنى. وهذا كان بعد الهجرة، أما قبلها. . فكان ممنوعًا منه، بل كان مأمورًا صلى الله عليه وسلم بالتبليغ والإنذار والصبر على أذى الكفار، ثم بعد الهجرة أذن الله سبحانه في القتال للمسلمين إذا ابتدأهم الكفار، ثم أبيح الابتداء في غير الأشهر الحرم، ثم أمر به مطلقًا (١).

(وقيل: عين) لعموم الآيات السابقة، وقائله قال: كان القاعدون حراسًا للمدينة، وهو نوع من الجهاد، والقائل بالأول قال: الوعيد في الآية إنما كان في حالة قلة المسلمين وكثرة المشركين، أو يحمل على من عيّنه صلى الله عليه وسلم للجهاد؛ فإنه تتعين عليه الإجابة.

وقال الماوردي: كان فرضَ عينٍ على المهاجرين؛ لأنهم انقطعوا لنصرته صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا كان سراياه قبل بدر بالمهاجرين، وفرضَ كفايةٍ على غيرهم؛ لأنهم إنما جاهدوا ببدر فما بعدها (٢).


(١) بلغ مقابلة على أصله. اهـ هامش (أ).
(٢) الحاوي الكبير (١٨/ ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>