للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام السيوطي رحمه الله تعالى (١): (من الكامل)

وإذا الفتى لله أخلص سرَّه ... فعليه منه رداء طِيب يظهر

وإذا الفتى جعل الإله مرادَه ... فلذكره عرْف ذكي ينشر

[طلبه للعلم]

أجمع كل من ترجم للإمام النووي رضي الله عنه أنه لم يكن يميل إلى الراحة والدَّعَة، ولم يستلذَّ الكسل والتواني، بل إنه كان الجِدَّ والاجتهادَ متجسدَين في شخص اسمه النووي.

فبعد ختمه القرآن بـ (نوى) .. أحب أن يستزيد من العلم ويروي غليله بالنهل من معينه، فما كان من أبيه - وهو الرجل الصالح الورع - إلا أن اصطحبه معه إلى قِبلة طلاب العلم، وكعبة المعرفة المحجوجة: (دمشق) وذلك لما ضمته بين جوانحها من جهابذة العلماء والمحققين.

ووجد الإمام فيها بغيته، وأدرك في مدارسها طِلْبته، فقد ذكر القطب اليونيني رحمه الله تعالى: أن الشيخ أول ما قدم دمشق .. اجتمع بخطيب الجامع الأموي وإمامه الشيخ جمال الدين عبد الكافي بن عبد الملك الرَّبعي الدمشقي (ت ٦٨٩ هـ)، وعرَّفه - رحمه الله - مقصدَه.

فأخذه الشيخ جمال الدين وتوجه به إلى حلقة الشيخ تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري، المعروف بالفركاح (ت ٦٩٠ هـ) رحمه الله تعالى، فقرأ عليه دروسًا، ولازمه مدة، ولم يكن له موضع يأوي إليه، فطلب من الشيخ موضعًا يسكنه، فاعتذر الشيخ تاج الدين بأنه لا موضع لديه، غير أنَّه دلَّه على الشيخ كمال الدين إسحاق المغربي بالمدرسة الرواحيَّة، فتوجه الإمام إليه ولازمه، واشتغل عليه، وصار منه ما صار (٢).

قال الإمام ابن العطار رحمه الله تعالى: (قال - أي: الإمام النووي -: وحفظت


(١) المنهاج السوي (١/ ٥٢).
(٢) ذيل مرآة الزمان (٣/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>