للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتابُ الجعالة

هِيَ كَقَوْلهِ: (مَنْ رَدَّ آبِقِي .. فَلَهُ كَذَا)، وَيُشْتَرَطُ صِيغَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْعَمَلِ بِعِوَضٍ مُلْتَزَمٍ،

===

[كتاب الجعالة]

هي مثلثة الجيم؛ كما قاله ابن مالك في "مثلثته"، واقتصر المصنف في "تحريره" و"تهذيبه" على الكسر (١)، وهي ما يجعل للإنسان على شيء يفعله.

والأصل فيها: قوله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ}، وكان حمل البعير معلومًا عندهم؛ كالوَسْق، وقد ورد في شرعنا تقريره، وهو حديث رُقية اللديغ على قطيع من الغنم، متفق عليه (٢)، ولأن الحاجة تدعو إليها في ردّ ضالة وآبق وعمل لا يقدر عليه ولا يجد من يتطوع بردِّه، ولا تصحُّ الإجارة على ردِّه؛ للجهالة بمكانه، فجاز بالجعالة؛ كالإجارة والقِراض.

(هي كقوله) أي: قولِ مطلق التصرف: ("من رد آبقي) أو دابتي الضالةَ ( .. فله كذا") وإن لم يكن فيه خطاب لمعيّن؛ للآية، واحتمل إبهام العامل؛ لأنه ربما لا يهتدي إلى تعيين الراغب في العمل، وإذا صحَّ مع إبهام العامل .. صحَّ مع تعيينه من بابٍ أولى؛ كقوله: (إن رددت عبدي .. فلك كذا)، و (إن رد زيد آبقي .. فله كذا) فإنه يستحقُّ الجعل بردِّه قطعًا.

ويشترط في المجعول له: أهلية العمل فقط؛ كما جزم به الرافعي، حتى يشملُ الصبي والعبد، وبه صرح الماوردي هنا، لكنه خالفه في (السير) فقال: لا يستحقّ الصبي إذا ردَّه، وكذا العبد بغير إذن السيد (٣).

(ويشترط: صيغة تدل على العمل بعوض) معلوم مقصود (مُلتزَم) لأنها معاوضة، فافتقرت إلى صيغة تدلُّ على المطلوب وقدر المبذول.


(١) تحرير ألفاظ التنبيه (ص ٢٢٥)، تهذيب الأسماء واللغات (٣/ ٨٩).
(٢) صحيح البخاري (٢٢٧٦)، صحيح مسلم (٢٢٠١)، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٣) الشرح الكبير (٦/ ١٩٨)، الحاوي الكبير (٩/ ٤٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>