وأسباب وجوبها: ثلاثة: النكاح والقرابة وملك اليمين، وبدأ بالأول؛ لأنها معاوضة في مقابلة التمكين من الاستمتاع، ولا تسقط بمضي الزمان، فهو أقوى من غيره.
والأصل في الباب: آيات؛ منها: قوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، ومن السنة أحاديث؛ منها: قوله صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع: "فاتَّقُوا الله فِي النِّسَاءِ" إلى أن قال: "وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" رواه مسلم (١).
وأجمعت الأمة على وجوب نفقة الزوجات في الجملة، وكذلك نفقة الأقارب والمماليك.
(على موسر لزوجته) ولو أمة وكتابية وذمية وعكسهن (كل يوم) بليلته المتأخرة عنه (مدا طعام، ومعسر مد، ومتوسط مد ونصف) احتج الأصحاب لأصل التفاوت بقوله تعالى: ({لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} الآية، ولهذا التقدير بأن الله تعالى اعتبر جنس الإطعام في الكفارة بنفقة الأهل فقال:{مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} وذلك يدل على المقاربة والمشابهة، فوجب إلحاقها بالكفارة، ووجدنا الشرع قدَّر الكفاية للمسلمين، وأقل ما أوجب للمسكين الواحد مدّ، وذلك في كفارة اليمين، وأكثر ما أوجب له مدان، وذلك في كفارة الأذى، فاعتبرنا النفقة بهما؛ لأن كلَّ واحد منهما مال يجب بالشرع ويستقر في الذمة، فأوجبنا على الموسر الأكثر، وعلى المعسر الأقل، وجعل المتوسط بينهما، ولأن المدَّ يكتفي به الزهيد، وينتفع به الرغيب، والمدان قدر المتوسع.
(١) صحيح مسلم (١٢١٨/ ١٤٧) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.