للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتابُ قطع السرقة

يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهِ فِي الْمَسْرُوقِ أُمُورٌ: كَوْنُهُ رُبُعَ دِينَارٍ

===

[كتاب قطع السرقة]

لو قال: (كتاب السرقة) كما فعل في (الزنا) .. لكان أخصر وأعم؛ لتناوله أحكام نفس السرقة.

والسرقة: بفتح السين وكسر الراء، ويجوز إسكان الراء مع فتح السين وكسرها، وهي لغة: أخذ الشيء خفية، ومنه استرق السمع؛ أي: استمع مستخفيًا، وشرعًا: أخذ مال الغير خفية، وإخراجه من حرز.

وأصل الباب: الإجماع، وقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} الآية، والأخبار الشهيرة فيه.

ولمَّا نظم أبو العلاء المعري البيت الذي شكك به على الشريعة في الفرق بين الدية، والقطع في السرقة، وهو: [من البيسط]

يَدٌ بِخَمْسِ مِئِينَ عَسْجَدٍ وُدِيَتْ ... مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِينَارِ

أجابه القاضي عبد الوهاب المالكي بقوله: [من البيسط]

وِقَايَةُ النَّفْسِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصهَا ... وِقَايَةُ الْمَالِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي

وهو جواب بديع مع اختصار، ومعناه: أن اليد لو كانت تودى بما تقطع فيه أو بما يقاربه .. لكثرت الجنايات على الأطراف؛ لسهولة الغرم في مقابلها، فغلظ الغرم؛ حفظًا لها، ولو كانت لا تقطع إلا في سرقة ما تودى به .. لكثرت الجنايات على الأموال، فحفظ ذلك بالتقليل؛ حفظًا لها.

وقال ابن الجوزي لما سئل هذا السؤال: لمَّا كانت أمينة .. كانت ثمينة، فلما خانت .. هانت.

(يشترط لوجوبه في المسروق أمور: كونه ربع دينار) لقوله صلى الله عليه وسلم: "لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا" متفق عليه، واللفظ لمسلم (١)،


(١) صحيح البخاري (٦٧٩٠)، صحيح مسلم (١٦٨٤) عن عائشة رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>