للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصَلٌ [في الوصية لغير الوارث وحكم التبرعات في المرض]

يَنْبَغِي أَلَّا يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، فَإِنْ زَادَ وَرَدَّ الْوَارِثُ .. بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ، وَإِنْ أَجَازَ .. فَإِجَازَتُهُ تَنْفِيذٌ، وَفِي قَوْلٍ: عَطِيَّة مُبْتَدَأَةٌ، وَالْوَصِيَّةُ بِالزِّيَادَةِ لَغْوٌ. وَيُعْتَبَرُ الْمَالُ يَوْمَ الْمَوْتِ، وَقِيلَ: يَوْمَ الْوَصِيَّةِ

===

(فصل: ينبغي ألَّا يوصي بأكثر من ثلث ماله) لقوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثيرٌ" متفق عليه (١).

وقال القاضي والبَنْدَنيجي والماوردي: لا تجوز الزيادة على الثلث (٢)، وقال المتولي والبغوي والخوارزمي وابن أبي عصرون: تكره الزيادة (٣).

(فإن زاد وردّ الوارث .. بطلت في الزائد) بالإجماع؛ لأنه حقه، وهذا في الوارث الخاص، فإن لم يكن له وارث خاص .. فالزيادة على الثلث باطلة [على الصحيح]؛ لأن الحقَّ للمسلمين، فلا مجيز.

(وإن أجاز) المطلق التصرف في ماله ( .. فإجازته تنفيذ) أي: إمضاء لتصرف الموصي، وتصرفه موقوف على الإجازة؛ لأنه تصرف مصادف لملك، وحقُّ الوارث إنما يثبت في أثناء الحال، فأشبه بيع الشقص المشفوع، (وفي قول: عطيَّة مبتدأة، والوصية بالزيادة لغو) للنهي عنه، والنهي يقتضي الفساد، ولأنها حق الوارث.

(ويعتبر المال يوم الموت) لأن الوصية تملك بعد الموت، وحينئذ تلزم، (وقيل: يوم الوصية) كما لو نذر التصدق بثلث ماله .. اعتبر يوم النذر، وردّ: بأن ذلك وقت اللزوم، فهو نظير الموت في الوصية.

وفائدة الخلاف: فيما لو زاد ماله بعد الوصية أو هلك الموجود عندها، ثم اكتسب غيره .. فتتعلق الوصية به على الأول، لا على الثاني.


(١) صحيح البخاري (٢٧٤٤)، صحيح مسلم (١٦٢٨).
(٢) الحاوي الكبير (١٠/ ١٦).
(٣) التهذيب (٥/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>