للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتابُ الوَدِيعة

مَنْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهَا .. حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا، وَمَنْ قَدَرَ وَلَمْ يَثِقْ بِأَمَانَتِهِ .. كُرِهَ،

===

[كتاب الوديعة]

الوديعة لغةً: الشيء الموضوع عند غير صاحبه للحفظ، يقال كـ: أودعه: إذا دفعه إليه وقرره في يده أمانةً، وشرعًا: تطلق على المال نفسه، وعلى العقد المقتضي للاستحفاظ، ويصحُّ حملُ الترجمة على كلٍّ منهما، وعلى الثاني: فحقيقتها شرعًا: توكيل في حفظ مملوك أو محترم مختص على وجه مخصوص؛ ليدخل: النجاسة المنتفع بها، ويخرجَ: العين في يد الملتقط وما تطيّره الريح إلى داره ونحوه؛ فإنّ الائتمان فيها من جهة الشرع لا من المالك.

والأصل فيها قبل الإجماع: قوله تعالى: {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، وهي وإن نزلت في رد مفاتيح الكعبة إلى عثمان بن طلحة .. فهي عامة في جميع الأمانات (١)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ" حسنه الترمذي، وصححه الحاكم على شرط مسلم (٢)، ولأن بالناس ضرورةً إليها.

(من عَجَز عن حفظها .. حرم عليه قبولها) لأنه يعرضها للتلف، واعتبر في "الحاوي" و"المهذب" للتحريم مع العجز: عدمَ الوثوق بأمانة نفسه (٣).

(ومن قَدَر ولم يثق بأمانته .. كره)، المراد: من هو في الحال أمين ولكن يخاف الخيانة في ثاني الحال، ولا يلزم منه الفسق؛ فقد يخشى الأمين الخيانة.

وجزمه بالكراهة: لا يطابق كلام "المحرر"؛ فإنه قال: لا ينبغي أن يقبل،


(١) أخرجه الطبري في "تفسيره" (٩٨٥١).
(٢) سنن الترمذي (١٢٦٤)، المستدرك (٢/ ٤٦)، أخرجه أبو داوود (٣٥٣٥) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) المهذب (١/ ٤٧١)، الحاوي الكبير (١٠/ ٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>