للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ [في مكروهات ومحرمات ومندوبات في الجهاد وما يتبعها]

يُكْرَهُ غَزْوٌ بِغَيْرِ إِذْنِ الإِمَامِ أَوْ نَائِبهِ، وَيُسَنُّ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ وَيَأْخُذَ الْبَيْعَةَ بِالثَّبَاتِ، وَلَهُ الاسْتِعَانَةُ بِكُفَّارٍ تؤْمَنُ خِيَانَتُهُمْ، وَيَكُونُونَ بِحَيْثُ لَوِ انْضَمَّتْ فِرْقَتَا الْكُفْرِ. . قَاوَمْنَاهُمْ،

===

(فصل: يكره غزو بغير إذن الإمام أو نائبه) لأنه على حسب الحاجة، والإمام ونائبه أعرف بها، ولا يحرم؛ لأن أكثر ما فيه التغرير بالنفس، وهو جائز في الجهاد، وفي "المرشد": أن ذلك لا يجوز.

(ويسن إذا بعث سرية أن يؤمّر عليهم ويأخذَ البيعة بالثبات) اقتداءً به صلى الله عليه وسلم؛ كما هو مشهور في الصحيح (١).

(وله الاستعانة بكفار) لأنه عليه السلام استعان بيهود بني قينقاع، ذكره الشافعي (٢)، (تؤمن خيانتهم، ويكونون بحيث لو انضمت فرقتا الكفر. . قاومناهم)، وأن يكون في المسلمين قلة وتمسَّ الحاجة إلى الاستعانة، قال الرافعي: وهذا مع شرط مقاومة الفرقتين كالمتنافيين؛ لأنهم إذا قلوا حتى احتاجوا لمقاومة فرقةٍ إلى الاستعانة بالأخرى. . فكيف يقدرون على مقاومتهما معًا لو التأمتا؟ ! قال في "زيادة الروضة": لا منافاة؛ فالمراد: أن يكون المستعان بهم فرقة يسيرة لا يكثر العدد بهم كثرةً ظاهرةً. انتهى (٣).

قال البُلْقيني: وفيه لين، ثم أجاب: بأن الكفار إذا كانوا مئتين مثلًا، وكان المسلمون مئة وخمسين. . ففيهم قلة بالنسبة لاستواء العددين، فإذا استعانوا بخمسين كافرًا. . فقد استوى العددان، ولو انحاز هؤلاء الخمسون إلى العدو فصاروا مئتين وخمسين. . أمكن المسلمين مقاومتُهم؛ لعدم زيادتهم على الضعف، قال: وأيضًا


(١) أما التأمير. . فأخرجه مسلم (١٧٣١/ ٣) عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وأما البيعة بالثبات. . فأخرجه مسلم أيضًا (١٨٥٦) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٢) الأم (٩/ ١٩٩)، وأخرجه البيهقي (٩/ ٣٧) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٣) الشرح الكبير (١١/ ٣٨١)، روضة الطالبين (١٠/ ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>