للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابُ القضاء على الغائب

هُوَ جَائِزٌ إِنْ كَانَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَادَّعَى الْمُدَّعِي جُحُودَهُ، فَإِنْ قَالَ: هُوَ مُقِرٌّ .. لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَطْلَقَ .. فَالأَصحُّ: أَنَّهَا تُسْمَعُ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ نَصْبُ مُسَخَّرٍ يُنْكِرُ عَنِ الْغَائِبِ، وَيَجِبُ أَنْ يُحَلِّفَهُ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ: أَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ, وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ,

===

[باب القضاء على الغائب]

(هو جائز) لأن البينة على الغائب مسموعة بالاتفاق، فليجز الحكم بها؛ كالبينة المسموعة على الحاضر الساكت، وأيضًا فالحكم على الميت والصغير جائز، وهما أعجز عن الدفع من الغَيْبة، ولأن في المنع منه إضاعةَ الحقوق التي ندب الحكام إلى حفظها؛ فإنه لا يعجز الممتنع من الوفاء عن الغَيْبة، والشرع منع من ذلك.

(إن كان عليه بينة) لأن الدعوى لقصد ثبوت الحق، ولا طريق لثبوته في غيبته إلا بالبينة، (وادعى المدعي جحوده، فإن قال: "هو مقر" .. لم تسمع بينته) لأنها لا تقام على مقر، (وإن أطلق) ولم يتعرض لجحوده ولا إقراره ( .. فالأصح: أنها تسمع) لأنه قد لا يعلم جحوده في غيبته، ويحتاج إلى إثبات الحق، فتجعل غيبته كسكوته، والثاني: لا تسمع إلا عند التعرض للجحود؛ لأن البينة إنما يحتاج إليها عنده.

(وأنه لا يلزم القاضيَ نصب مسخر) بفتح الخاء المشددة (ينكر عن الغائب) لأنه قد يكون مقرًّا، فيكون إنكار المسخر كذبًا، والثاني: يلزمه؛ لتكون البينة على إنكار منكر.

وقضية كلامه: جواز النصب قطعًا، وقال الرافعي: إن مقتضى توجيه الأول: المنع أيضًا، وإن الذي أورده العبّادي وغيره التخيير بين النصب وعدمه (١).

(ويجب أن يحلفه بعد البينة: أن الحق ثابت في ذمته)، وأنه يلزمه تسليمه؛ احتياطًا للمحكوم عليه؛ لأنه لو حضر .. لربما ادعى ما يبرئه، (وقيل: يستحب) لأنه يمكنه التدارك إن كان له دافع.


(١) الشرح الكبير (١٢/ ٥١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>