للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُقَدَّمُ عَلَى التَّعْدِيلِ، فَإِنْ قَالَ الْمُعَدِّلُ: (عَرَفْتُ سَبَبَ الْجَرْحِ وَتَابَ مِنْهُ وَأَصْلَحَ) .. قُدِّمَ، وَالأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي التَّعْدِيلِ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: (هُوَ عَدْلٌ وَقَدْ غَلِطَ).

===

(وتقدم) بينة الجرح (على التعديل) لأن التعديل بأمر ظاهر، والجرح بأمر باطن، فكانت أقوى؛ لأنها عَلِمت ما خفي على الأخرى.

(فإن قال المعدل: "عرفت سبب الجرح وتاب منه وأصلح" .. قُدِّم) لأن مع المعدل والحالة هذه زيادةُ علم، وتقدّم بينة التعديل أيضًا فيما إذا شهد بجرحه ببلد ثم انتقل إلى غيره، فعدله آخران فيه؛ لأن العدالة طارئة على الجرح، والتوبة ترفع المعصية، كذا نقله في "البيان" عن الأصحاب (١).

قال في "الذخائر": ولا يشترط اختلاف البلدين، بل لو كانا في بلد واختلف الزمان .. فكذلك، قال ابن الصلاح في "فتاويه": وينبغي أن يكون هذا مخصوصًا بما إذا كان من عدله عالمًا بما جرى من جرحه، وإلا .. فقد يكون مستصحبًا في ذلك أصل العدم (٢).

وقال ابن الرفعة: ينبغي أن يخص تقديم بينة التعديل بما إذا تخللت بينهما مدة الاستبراء، وإلا .. لم تقدم، قال الأَذْرَعي: وهو صحيح نص عليه الشافعي، وفي عبارة "الحاوي" إشارة إليه (٣).

(والأصح: أنه لا يكفي في التعديل قول المدّعى عليه: "هو عدل وقد غلط") فيما شهد به عليّ، بل لا بدّ من البحث والتعديل؛ لأن الاستزكاء حق الله تعالى، ولهذا لا يجوز الحكم بشهادة فاسق وإن رضي الخصم، والثاني: يكتفى به في الحكم على المدعى عليه بذلك؛ لأن الحق له وقد اعترف بعدالته.

* * *


(١) البيان (١٣/ ٥٠).
(٢) فتاوى ابن الصلاح (٢/ ٥٠٦).
(٣) كفاية النبيه (١٨/ ٢٢٠)، الحاوي الكبير (٢٠/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>