للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا بَعْدَهُ. . فَلِلْكُفَّارِ حَالَانِ: أَحَدُهُمَا: يَكُونُونَ ببلَادِهِمْ؛ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ، إِذَا فَعَلَهُ مَنْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ. . سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ. وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَات: الْقِيَامُ بِإِقَامَةِ الْحُجَجِ

===

وقال السهيلي: كان فرضَ عينٍ في حق الأنصار، وكفايةٍ في حق غيرهم؛ لأنهم بايعوا عليه، قال شاعرهم: [من الرجز]

نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدا (١)

(وأما بعده. . فللكفار حالان: أحدهما: يكونون ببلادهم؛ ففرض كفاية) كما دل عليه سير الخلفاء الراشدين، ولو فرض على الأعيان. . لتعطلت المعايش والمكاسب، وخربت البلاد.

(إذا فعله من فيهم كفاية. . سقط الحرج عن الباقين) لأن هذا شأن فروض الكفايات. والكفاية تحصل بشيئين: أحدهما: أن يشحن الإمام الثغور بجماعة يكافئون من بإزائهم من الكفار، والثاني: أن يدخل دار الكفار غازيًا بنفسه، أو يبعث جيشًا يؤمِّر عليهم من يصلح لذلك.

وأقله: مرة واحدة في كل سنة؛ لأن الجزية تجب بدلًا عنه، وهي واجبة في كل سنة فكذلك مبدلها (٢)، فإن زاد. . فهو أفضل، ويستحب: أن يبدأ بالقتال من يلي دار الإسلام منهم، إلا أن يكون الخوف من الأبعدين أكثر؛ فإنه يبدأ بهم، هذا ما نصّ عليه الشافعي والأصحاب (٣).

واختار الإمام في هذا مسلكَ الأصوليين؛ فإنهم قالوا: الجهاد دعوة قهرية، فتجب إقامته بحسب الإمكان حتى لا يبقى إلا مسلم أو مسالم، ولا يختص بمرة في السنة، ولا يعطل إذا أمكنت الزيادة، قال: وما ذكره الفقهاء حملوه على العادة الغالبة، وهي أن الأموال والعُدَد لا تتأتى لتجهيز الجنود في السنة أكثر من مرة (٤).

(ومن فروض الكفايات: القيام بإقامة الحجج) العلمية والبراهين القاطعة على


(١) الروض الأنف (٧/ ٤٠٥ - ٤٠٦).
(٢) في (ز): (فكذلك بدلها).
(٣) الأم (٥/ ٣٨٦).
(٤) نهاية المطلب (١٧/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>