للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُكْرَهُ إِعَارَةُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ. وَالأَصحُّ: اشْتِرَاطُ لَفْظٍ؛ كَـ (أَعَرْتُكَ) وَ (أَعِرْني)، وَيَكْفِي لَفْظُ أَحَدِهِمَا مَعَ فِعْلِ الآخَرِ، وَلَوْ قَال: (أَعَرْتكُهُ لِتَعْلِفَهُ) أَوْ (لِتُعِيرَنِي فَرَسَكَ) .. فَهُوَ إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ تُوجِبُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ

===

المستعار خنثى .. امتنع على الصحيح، أخذًا بالاحتياط.

(ويكره إعارة عبد مسلم لكافر) لأن فيها امتهانًا، وقيل: يحرم، وحمل في "المطلب": التحريمَ على الإعارة للخدمة، والكراهةَ على غيرها، واختار السبكي: التحريم مطلقًا، لما فيه من الاستيلاء، وليس كالإجارة" فإنه يؤمر فيها بإزالة ملكه عن المنفعة على الأصحِّ، والمستعرِ لا يعير، فتفسد.

(والأصحُّ: اشتراط لفظ، كـ "أعرتُك"، و"أعرني"، ويكفي لفظ أحدهما مع فعل الآخر) قياسًا على إباحة الطعام، فإن اللفظ من أحدهما شرط، والثاني: لا يعتبر اللفظ في واحد منهما، حتى لو رآه عاريًا فأعطاه قميصًا فلبسه .. كان ذلك إعارة (١).

ويستثنى من اشتراط اللفظ: ما إذا اشترى شيئًا وسلّمه له في ظرف .. فالظرف معار في الأصحِّ، وما إذا أكل المُهدى إليه الهديةَ في ظرفها .. فيجوز وهو معار، قاله أبو عاصم العبّادي والبغوي (٢)، قال في "زيادة الروضة": محله: ما إذا كانت الهدية لا لمقابل، فإن كانت عوضًا .. فالظرف أمانة في يده؛ كالإجارة الفاسدة؛ كذا حكاه المتولي عن أبي عاصم (٣).

(ولو قال: "أعرتُكَهُ لتعلِفَه" أو "لتعيرني فرسك" .. فهو إجارة فاسدة تُوجب أجرةَ المثل) لجهالة العلف والمدة، والتعليقِ في الثانية، وصحح في "المطلب": أنه عارية فاسدة؛ نظرًا إلى اللفظ، فلا تجب أجرة، ثم قال: وفيه بُعْدٌ؛ لأنه لم تبذل المنفعة مجانًا.


(١) قال في "العجالة" [٢/ ٨٧١]: (والخلاف مبني على أن العارية هبة للمنافع أو إباحة) انتهى، وفيه نظر؛ فإن القائل بالاشتراط قاسه على إباحة الطعام، كما ذكرناه. اهـ هامش (أ).
(٢) التهذيب (٤/ ٢٨٠).
(٣) روضة الطالبين (٤/ ٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>