للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُ كُلِّ إِنَاءٍ طَاهِرٍ، إِلَّا ذَهَبًا وَفِضَّةً فَيَحْرُمُ،

===

فإن انتفى التبيين والموافقة؛ كقول الحنفي: (هذا نجِس). . لم يعتمده؛ لجواز أن يكون مستندُه ولوغَ ذئبٍ ونحوه من السباع التي يقولون بنجاسة أفواهها، ونحن نخالفُهم فيها.

(ويحلّ استعمالُ كلِّ إناءٍ طاهرٍ) بالإجماع.

وأورد على طرده: الإناءُ المغصوبُ وجلدُ الآدمي المحترم، فإنهما طاهران ولا يحلّ استعمالُهما.

وأجيب عن الأول: بأن المرادَ: الحلُّ وعدمُه من حيث كونُه إناءً، والمغصوب تحريمه لمعنىً آخر، وهو تحريم مِلك الغير إلَّا برضاه، وفيه نظر، فإنه لا يحتاج على هذا إلى التقييد بالطاهر؛ إذ تحريم النجس بتنجيس المظروف لا لذاته، وعن الثاني: بأنه نادرٌ، فلم يندرج في العموم.

وأورد على مفهومه: ما لو وسع إناءٌ نَجِسٌ قلتين فأكثر. . فإنه يحل استعمالُه في الماء؛ كما قاله في "التنقيح"، ويحل استعمالُه أيضًا في اليابسات مع الكراهة؛ كما في "زوائد الروضة" (١).

وأجيب عنه: بأن في استعمال النجس تفصيلًا؛ وهو الكراهةُ في الجافِّ، والحرمةُ في الرَّطْب والمائع وإن كثر، والماء القليل، والجواز في الماء الكثير؛ فقد خالف حكمُه حكمَ الإناء الطاهر وهو إطلاق الحلّ.

(إلا ذهبًا وفضةً. . فيحرم) بالإجماع، وسواء الرجل والمرأة، والإناء الكبير والصغير، حتى الميل، إلَّا أن يحتاج إليه لجلاء عينه. . فيحلّ، قاله الماوردي.

ويحرم على الولي سقيُ الصغير بإناءِ ذهبٍ أو فضةٍ، وهل تحريمه لعينه أم للسرف والخيلاء وكسر قلوب الفقراء؛ فيه خلاف، والراجح: الأول.

وتظهر فائدة الخلاف في النحاس المموَّه بهما، وعكسه، قاله الرافعي (٢).


(١) روضة الطالبين (١/ ٤٤).
(٢) الشرح الكبير (١/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>