للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَارَةً بعَمَلٍ؛ كَدَابَّةٍ إِلَى مَكَّةَ، وَكَخِيَاطَةِ ذَا الثَّوْب، فَلَوْ جَمَعَهُمَا فَاسْتَأْجَرَهُ لِيَخِيطَهُ بَيَاضَ النَّهَارِ .. لَمْ يَصِحَّ فِي الأَصَحِّ. وَيُقَدَّرُ تَعْلِيمُ القُرْآنِ بِمُدَّةٍ،

===

والرضاع، فإنه لا سبيل للضبط في هذه إلا بالزمان.

(وتارة بعمل؛ كدابة) معينة أو موصوفة (إلى مكة، وكخياطة ذا الثوبِ) من غير تقدير مدة؛ لأن هذه المنافعَ معلومةٌ في أنفسها فلم تفتقر إلى تقدير المدة.

وكلامه قد يوهم: تعين التقدير بالعمل في ذلك، وليس كذلك، بل يجوز تقديره بالزمان أيضًا على الانفراد، فيقول: (أجرني هذه الدابة لأركبها شهرًا، وأجرني عبدك ليخيط لي هذا الثوب)، أو (يخيط لي شهرًا).

(فلو جمعهما) أي: التقدير بالعمل والزمان (فاستأجره ليَخيطه بياضَ النهار .. لم يصحَّ في الأصحِّ) للغرر، فقد يتقدم العمل أو يتأخر، والثاني: يصحُّ؛ إذ المدة مذكورة للتعجيل، فلا تؤثر في الفساد، والثالث: إن أمكن حصولُه في تلك المدة .. صحَّ، وإلا .. فلا، وفي "البحر" عن البويطي إن أمكن .. كان ذكرُه أفضل (١).

(ويُقدّر تعليم القرآن بمدة) كشهر مثلًا؛ كما لو استأجر خَيَّاطًا ليخيط له شهرًا، وهذا هو الأصحُّ في "زيادة الروضة" والمجزوم به في "الشرحين" في (الصداق) (٢)، لكن الأشبه في "الشرح الصغير" و"التذنيب" هنا: أنه لا يجوز؛ لتفاوت السور والآت في سهولة الحفظ وصعوبته.

واعترض: بأن في ثبوت المنع وجهًا نظرًا، فإنه لا يكاد يوجد التصريح به لأحد، فضلًا عن ترجيحه.

وصورة المسألة: إذا لم يرد القرآن جميعه، بل ما يُسمَّى قرآنًا، أما إذا أريد جميعه .. فلا يصحُّ على الأصحِّ؛ لأن فيه جمعًا بين الزمان والعمل.

وحينئذ كان ينبغي للمصنف أن يقول: تعليم قرآن بالتنكير، فإن الشافعي رضي الله عنه نصَّ في (باب التدبير) على أن القرآن بالألف واللام لا يطلق إلا على جميعه (٣).


(١) بحر المذهب (٨/ ٣٠٧).
(٢) روضة الطالبين (٥/ ١٩٠)، والشرح الكبير (٨/ ٣٠٩).
(٣) الأم (٩/ ٣٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>