للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ سَبَقَ إِلَيْهِ اثنانِ. . أُقْرِعَ، وَقِيلَ: يُقَدِّمُ الإِمَامُ بِرَأْيِهِ. وَلَوْ جَلَسَ لِلْمُعَامَلَةِ ثُمَّ فَارَقَهُ تَارِكًا لِلْحِرْفَةِ أَوْ مُنْتَقِلًا إِلَى غَيْرِهِ. . بَطَلَ حَقُّهُ، وَإِنْ فَارَقَهُ لِيَعُودَ. . لَمْ يَبْطُلْ إِلَّا أَنْ تَطُولَ مُفَارَقَته بِحَيْثُ يَنْقَطِعُ مُعَامِلُوهُ عَنْهُ وَيَأْلَفُونَ غَيْرَهُ. وَمَنْ أَلِفَ مِنَ الْمَسْجِدِ مَوْضِعًا يُفْتِي فِيهِ، أَوْ يُقْرِئُ الْقُرْآنَ. . كَالْجَالِسِ فِي شَارِعٍ لِمُعَامَلَةٍ،

===

(ولو سبق إليه) أي: إلى موضع من الشارع (اثنان) وتنازعا (. . أُقرع) بينهما؛ لعدم المزية، (وقيل: يقدِّم الإمام برأيه) أي: باجتهاده؛ كمال بيت المال.

(ولو جلس للمعاملة) أو لصناعة، كخياطة ونحوها (ثم فارقه) أي: موضع جلوسه (تاركًا للحرفة أو منتقلًا إلى غيره. . بطل حقُّه) لإعراضه عنه.

(وإن فارقه ليعود. . لم يبطل) لحديث: "إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ. . فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ" رواه مسلم (١).

(إلا أن تطول مفارقتُه بحيث ينقطع معاملوه عنه ويألَفون غيره) لأن الغرض من الموضع المعين أن يعرف فيعامل، وسواء فارقه بعذر أو بغيره.

واحترز بالمعاملة: عما إذا جلس لاستراحة وشبهها؛ فإن حقَّه يبطل بمفارقته، وكذا الجوال الذي يقعد كلَّ وقت في موضع من السوق ينقطع حقُّه بمفارقته جزمًا.

(ومن ألف من المسجد موضعًا يفتي فيه، أو يقرئ القرآن) (٢) أو العلم الشرعي (. . كالجالس في شارع لمعاملة) لأن له غرضًا في ملازمة ذلك الموضع ليألفه الناس، قاله العبادي والغزالي تفقهًا لا نقلًا، وقال الرافعي: إنه الأشبه بمأخذ الباب (٣).

وعن الشيخ أبي محمد أنه إذا قام. . بطل حقُّه، لقوله تعالى: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} وإليه ميل صاحب "التقريب"، ونقله الماوردي في "الأحكام السلطانية" عن جمهور الفقهاء، ولم ينقل الأول إلا عن مالك، قال في "الروضة": ومقتضى


(١) صحيح مسلم (٢١٧٩) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) في (ب) و (د): (ويقرئ القرآن).
(٣) الوسيط (٤/ ٢٢٨)، الوجيز (ص ٢٧٢)، الشرح الكبير (٦/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>