للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالأَصَحُّ: أَنَّ قَوْلَهُ: (حَرَّمْتُهُ) أَوْ (أَبَّدْتُهُ) لَيْسَ بِصَرِيحٍ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: (جَعَلْتُ الْبُقْعَةَ مَسْجِدًا) تَصِيرُ بِهِ مَسْجِدًا، وَأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ يُشْتَرَط فِيهِ قَبُولُهُ.

===

صرح به المرعشي وسليم وصاحب "الشامل" و"التتمة" وغيرهم.

(والأصح: أن قوله: "حرمته" أو "أَبَّدته" ليس بصريح) بل كناية؛ لأنهما لا يستعملان مستقلين، وإنما يؤكد بهما الألفاظ السابقة، والثاني: أنهما صريحان؛ لإفادتهما الغرض؛ كالتحبيس والتسبيل.

(وأن قوله: "جعلت البقعة مسجدًا" تصير به مسجدًا) لأن المسجد لا يكون إلا وقفًا، فأغنى لفظُه عن لفظ الوقف، والثاني: لا تصير؛ لفقد الألفاظ المتقدمة، وقد وصفها بما وصفها الشارع حيث قال: "جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا" (١).

وهذا قول الأكثرين، والأول لم ينقله الرافعي إلا عن ظاهر لفظ "الوجيز" وقال: إنه الأشبه، ولعله من تفقهه (٢).

قال في "الكفاية": ومحلُّ الخلاف: إذا خلا عن نية، فلو قصد بقوله: (جعلتها مسجدًا) الوقف. . صار مسجدًا قطعًا، جزم به القاضي الحسين (٣).

(وأن الوقف على معين يشترط فيه قبوله) لأنه يبعد دخول عين أو منفعة في ملكه قهرًا؛ كالهبة والوصية، وعلى هذا: يشترط كونه على الفور من أهله، وإلا. . فيقبل الولي، والثاني: لا يشترط، واستحقاقه المنفعة كاستحقاق العتيق منفعة نفسه.

وهذا اختاره جمع من المتقدمين والمتأخرين؛ منهم الشيخ أبو حامد، وابن الصلاح، والمصنف في (باب السرقة)، والسبكي وقال: إنه ظاهر نصوص الشافعي في غير موضع، وما رجحه تبع فيه "المحرر"، ونقله في "زيادة الروضة" عنه مقتصرًا عليه (٤).

واحترز بالمعين: عن الجهة العامة؛ كالفقراء، أو جهة تحرير؛ كالمسجد؛ فإنه لا يشترط القبول قطعًا.


(١) أخرجه البخاري (٣٣٥) ومسلم (٥٢١) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٢) الشرح الكبير (٦/ ٢٦٣).
(٣) كفاية النبيه (١٢/ ٣٧).
(٤) المحرر (ص ٢٤١)، روضة الطالبين (٥/ ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>