(ولو قال:"وقفت على أولادي"، أو "على زيد ثم نسِله"، ولم يزد. . فالأظهر: صحة الوقف) لأن مقصود الوقف القربةُ والدوام، فإذا بيّن مصرفه ابتداء. . سهلت إدامته على سبل الخير، وهذا هو المُسمَّى: منقطع الآخر، والثاني: بطلانه؛ لأنه لم يؤبِّده ولم يرده إلى ما يدوم، فكان كالتأقيت، والثالث: إن كان حيوانًا. . صحَّ، إذ ربما هلك قبل الموقوف عليه، بخلاف العقار.
(فإذا انقرض المذكور. . فالأظهر: أنه يبقى وقفًا) لأن وضع الوقف الدوامُ؛ كالعتق، والثاني: يرتفع الوقف، ويعود ملكًا للواقف أو ورثته إن كان قد مات؛ لأن بقاء الوقف بلا مصرف متعذر، وإثبات مصرف لم يذكره الواقف بعيدٌ، فتعين ارتفاعه.
(وأن مصرفه أقرب الناس إلى الواقف يوم انقراض المذكور) لأن أفضل القربات الصدقة على القرابات، فإذا تعذر ردّه إلى واقفه. . كان أولى الناس به أقربهم إليه.
فإن لم يكن له أقارب. . قال السبكي: ففي "مختصر البويطي": أن للإمام أن يجعله حبسًا على المسلمين تصرف غلته في مصالحهم، وحكاه صاحب "البحر" عن النصِّ، وقال: إن القاضي الطبري صار إليه ورجحه، والذي ذكره ابن الصباغ وسليم: أنه يصرف إلى الفقراء والمساكين، والقول الثاني: يصرف إلى الفقراء والمساكين؛ لأنه يؤول إليهم الوقف الصحيح في الانتهاء، والثالث: إلى مستحقي الزكاة، والرابع: إلى المصالح العامة مصارف خمس الخمس.
والمعتبر على الأول: قرب الرحم لا استحقاق الإرث على الأصحِّ، فيقدم ابن البنت على ابن العم، وقيل: النظر إلى قرب الجوار من أقاربه، ويختص به فقراء الأقارب على الأظهر.
وهذا الاختصاص هل هو على سبيل الوجوب أو الندب؟ وجهان بلا ترجيح في "الروضة" و"أصلها"(١)، قال الأَذْرَعي: والظاهر وقضية كلام الجمهور: الوجوب.
(١) الشرح الكبير (٦/ ٢٦٩)، روضة الطالبين (٥/ ٣٢٦).