للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجِبُ الاسْتِنْجَاءُ بِمَاءٍ أَوْ حَجَرٍ، وَجَمْعُهُمَا أَفْضَلُ، وَفِي مَعْنَى الْحَجَرِ: كُلُّ جَامِدٍ طَاهِرٍ قَالِعٍ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ، وَجِلْدٍ دُبِغَ دُونَ غَيْرِهِ فِي الأَظْهَرِ. وَشَرْطُ الْحَجَرِ: أَلَّا يَجِفَّ النَّجَسُ، وَلَا يَنْتَقِلَ، وَلَا يَطْرَأَ

===

(ويجب الاستنجاء) لأحاديث، منها: "وَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ" (١)، (بماءٍ أو حجرٍ) الحجر؛ للحديث المذكور، والماء بطريق الأولى؛ لإذهابه العينَ والأثرَ.

(وجمعهما أفضل) لقصة أهل قباء في ذلك أخرجها البزار (٢)، لكن قال المصنفُ في "شرح المهذب": إنه لا أصل له في كتب الحديث، بل الذي فيها: أنهم قالوا: (كنا نستنجي بالماء)، وليس فيها (مع الحجر)، كذا رواه الإمام أحمد وابن خزيمة في "صحيحه" (٣).

فيُقدِّم الحجرَ ثم الماءَ؛ لأنَّ الحجرَ يُزيل العينَ، والماءَ يُزيل الأثرَ.

(وفي معنى الحجر: كلُّ جامدٍ طاهرٍ قالعٍ غيرِ محترم) لحصول الغرضِ به؛ كالحجر، فخرج بـ (الجامد) المائعُ، وبـ (الطاهر) النجسُ والمتنجسُ، وبـ (القالع) الزجاجُ والقصبُ الأملسُ ونحوُهما، وبـ (غير المحترم) المحترمُ؛ كالعظم وغيرِه من المطعومات.

(وجلدٍ دبغ دون غيره) من الْمُذكَّى؛ إذ غيرُ المذكَّى نَجِسٌ إذا لم يُدبغ، فخرج بقوله: (طاهر) (في الأظهر) لأن غيرَ المدبوغِ فيه لُزوجة تمنع التنشيف، بخلاف ما بعده إذ ينقلب إلى طبع الثياب، والثاني: يجوز مطلقًا؛ لأنه مزيل غير محترم، والثالث: لا مطلقًا؛ لأنه من جنس ما يؤكل.

(وشرطُ الحجر: ألَّا يَجِفَّ النَّجَس) لأنه إذا جَفَّ لا يُزيله الحجرُ، (ولا يَنتقلَ) النجس عن الموضع الذي أصابه عند الخروج؛ لأن المحل قد طرأ عليه نجاسةٌ، لا بسبب الخروج، فصار كما لو وقعت عليه من خارج، (ولا يطرأَ) على المحل


(١) أخرجه الإمام الشافعي في "المسند" (٢٧) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) عزاه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (١/ ٢٩٨) للبزار.
(٣) المجموع (٢/ ١١٨ - ١١٩)، مسند أحمد (٣/ ٤٢٢)، صحيح ابن خزيمة (٨٣) عن عويم بن ساعدة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>