للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ قَالَ: (أَرْقَبْتُكَ) أَوْ (جَعَلْتُهَا لَكَ رُقْبَى)؛ أَي: إِنْ مُتَّ قَبْلِي عَادَتْ إِلَيَّ، وَإِنْ مُتُّ قَبْلَكَ اسْتَقَرَّتْ لَكَ .. فَالْمَذْهَبُ: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ.

===

أي: فيصحُّ الإعمار، ويلغو الشرط؛ لإطلاق الأحاديث الصحيحة، قال الرافعي: وكأنهم عدلوا به عن قياس سائر الشروط الفاسدة (١). انتهى.

ولعل المعنى في ذلك - كما قاله في "البحر" -: أن الشرط المذكور ليس على المعطي بل على ورثته، ولا حقَّ لهم الآن، وإذا لم يكن الشرط مع المعقود معه .. لم يؤثر في العقد.

والثاني: يبطل؛ لشرطه ما ينافي مقتضى الملك، فإن من ملك شيئًا .. صار بعده لورثته، والثالث: يصحُّ ولا يلغو الشرط، حكاه في "التنبيه" (٢).

وقد يفهم كلامه: أنه لو قال: (جعلتها لك عمري)، أو (عمر زيد) .. أنه يبطل، وهو الأصحُّ؛ لخروجه عن اللفظ المعتاد.

(ولو قال: "أرقبتك"، أو "جعلتها لك رقبى"؛ أي: إن متَّ قبلي .. عادت إلي، وإن متُّ قبلك .. استقرت لك .. فالمذهب: طرد القولين الجديد والقديم) فعلى الجديد: يصحُّ، ويلغو الشرط؛ لحديث: "لَا تُعْمِرُوا، وَلَا تُرْقِبُوا، فَمَنْ أُرْقِبَ شَيئًا، أَوْ أُعْمِرَهُ .. فَهُوَ لِوَارِثهِ" رواه أبو داوود والنسائي (٣).

والقديم: البطلان، والطريق الثاني: القطع بالبطلان؛ لأن فيها تأقيتًا واشتراطًا ليس في العمرى.

وقوله: (أي: إن مت قبلي): تفسير لمدلول قوله: (أرقبتك، أو جعلتها لك رقبى)، ومقتضاه: أنه لم يصرح بالشرط المذكور، وقطع الماوردي فيما إذا صرح به بالبطلان؛ لمنافاته حكم الملك، لكن صرح الشيخان تبعًا للجمهور بتعميم الخلاف؛ لأنه تصريح بالمعنى (٤).


(١) الشرح الكبير (٦/ ٣١٣).
(٢) التنبيه (ص ٩٣).
(٣) سنن أبي داوود (٣٥٥٦)، سنن النسائي (٦٥٢٧) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٤) الحاوي الكبير (٩/ ٤١١)، الشرح الكبير (٦/ ٣١٣)، روضة الطالبين (٥/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>