للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَّا حَبَّتَيْ حِنْطَةٍ وَنَحْوِهَا

===

وقال القفال في "فتاويه": لو قال: (ادخل بستاني وأبحت لك أن تأخذ من ثماره ما شئت) .. كان إباحة.

(إلا حبتي حنطة ونحوها) من المحقرات؛ فإنه يجوز هبتها قطعًا، ولا يجوز بيعها على الصحيح؛ لأن بذل المال في مقابلته سَفَةٌ، وهذا التعليل مفقود في الهبة، والمانع ليس في دابة؛ كالكلب؛ لأنه يباع مع غيره، وإنما المانع الانفراد، فاغتفر في الهبة؛ إذ لا محذور.

وهذا الاستثناء مما زاده على "المحرر" ولم يذكرا في "الشرحين" و"الروضة" ذلك، بل جزم الرافعي بعكسه في (باب اللقطة) فقال: ما لا يتمول (١)؛ كحبة حنطة وزبيبة .. لا تُعَرَّفُ على الظاهر؛ كما لا يجوز بيعه وهبته، وأسقطه من "الروضة"؛ لوقوعه في ضمن بحث (٢).

وقال الإمام فيما لا يتمول لقلته: يظهر عندي تصحيح الهبة فيه على معنى إحلال الموهوب له محلَّ الواهب في الاختصاص، لكن لا أقطع به؛ لأن لنا ترددًا في هبة الكلب، والمنع هنا أقوى؛ لأن في الكلب إمكان الانتفاع، ولا يقع فيما لا يتمول ... إلى أن قال: والأظهر: إبطال الهبة (٣).

واختار السبكي ما قاله المصنف؛ فإنه تجوز الصدقة بتمرة، وهي نوع من الهبة.

وأورد على حصره صور؛ منها: جلد الأضحية ولحمها؛ لا يجوز بيعه وتجوز هبته، ومنها: جلد الميتة قبل الدباغ على ما قاله في "الروضة" في (باب الآنية)، لكن صحح هنا المنع، وجمع بين كلامي "الروضة" بحمل المذكور هنا على الملك الحقيقي، والذي في (باب الآنية) بمعنى: نقل اليد؛ كما صرحوا به في الكلب (٤).

ومنها: الدهن النجس؛ فإن في "زيادة الروضة" في (البيع): أنه ينبغي القطع


(١) في النسخ: (ما يتمول)، والتصويب من "الشرح الكبير" (٦/ ٣٦٤).
(٢) الشرح الكبير (٦/ ٣٦٤).
(٣) نهاية المطلب (٨/ ٤٨٥).
(٤) روضة الطالبين (١/ ٤٣، ٥/ ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>