للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى الْقَاضِي .. لَزِمَهُ الْقَبُولُ، وَلَمْ يُوجِب الأَكْثَرُونَ التَّعْرِيفَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، فَلَوْ قَصَدَ بَعْدَ ذَلِكَ خِيَانَةً .. لَمْ يَصرْ ضَامِنًا فِي الأَصَحِّ، وَإِنْ أَخَذَ بِقَصْدِ خِيَانَةٍ .. فَضامِنٌ، وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَهُ أَنْ يُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ عَلَى الْمَذْهَبِ.

===

درُّها ونسلها؛ لأنه يحفظها لمالكها، فأشبه المودَع.

(فإن دفعها إلى القاضي .. لزمه القَبول) لأنه ينقلها من أمانة إلى أمانةٍ أوثقَ منها، بخلاف الوديعة من غير ضرورة لا يلزمه القَبول على الأصحِّ؛ لأنه قادر على الردِّ إلى المالك.

(ولم يوجب الأكثرون التعريفَ والحالةُ هذه) لأن الشرع إنما أوجبه لِما جعل له التملك بعده، وصحح الإمام والغزالي وغيرهما وجوبه (١)؛ لئلا يفوت الحقُّ بالكتمان، وقال في "الروضة": إنه الأقوى والمختار، وفي "شرح مسلم": إنه الأصحُّ (٢)، قال السبكي: ولك أن تقول: الكتمان إنما يكون إذا طلب فكتم، وبدونه لا يكون كتمانًا.

(فلو قصد بعد ذلك) أي: بعد أخذها للحفظ (خيانةً .. لم يصر ضامنًا في الأصحِّ) بمجرد القصد؛ كالمودَع، فإن انضم إلى القصد استعمالٌ أو نقلٌ من مكان إلى مكان .. صار ضامنًا؛ كالوديعة، والثاني: يصير ضامنًا؛ إذ سبب أمانته مجرد نيته، وإلا .. فأخْذُ مال الغير بغير إذنه ورضاه مقتضٍ للضمان، بخلاف المودَع؛ فإنه مسلَّط مؤتمن من جهة المالك.

(وإن أخذ بقصد خيانة .. فضامن) عملًا بقصده المقارنِ لفعله، (وليس له بعده أن يُعرّف ويتملكَ على المذهب) نظرًا للابتداء؛ كالغاصب (٣)، قال في "أصل الروضة": وهذا ما قطع به الجمهور (٤).

والطريق الثاني: فيه وجهان، وعليهما اقتصر الرافعي في "الشرح الصغير"؛


(١) نهاية المطلب (٨/ ٤٤٩)، الوجيز (ص ٢٨٤).
(٢) روضة الطالبين (٥/ ٤٠٩)، شرح مسلم (١٢/ ٢٢).
(٣) ويبرأ بدفعها إلى القاضي "عباب". اهـ هامش (ب).
(٤) روضة الطالبين (٥/ ٤٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>