للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإِنْ وَصَفَهَا وَظَنَّ صِدْقَهُ .. جَازَ الدَّفْعُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَإِنْ دَفَعَ فَأَقَامَ آخَرُ بَيَّنَةً بِهَا .. حُوِّلَتْ إِلَيْهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ .. فَلِصاحِبِ الْبيِّنَةِ تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ وَالْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ، وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ. قُلْتُ: لَا تَحِلُّ لُقَطَةُ الْحَرَمِ لِلتَّمَلُّكِ عَلَى الصَّحِيحِ،

===

(وإن وصفها وظن صدقه .. جاز الدفع) عملًا بظنه.

هذا إذا كان الواصف واحدًا، فإن وصفها جماعة .. قال أبو الطيب: أجمعنا على أنها لا تسلم لهم.

(ولا يجب على المذهب) لأنه مدعٍ فيحتاج إلى بينة، كغيره، وقيل: فيه وجهان؛ أحدهما: هذا، والثاني: يجب؛ لأن إقامة البينة عليها قد تعسر.

واحترز بقوله: (فظن صدقه) عما إذا لم يغلب على الظن صدقه؛ فإنه لا يجب الدفع اتفاقًا، وكذا لا يجوز على المشهور.

(فإن دفع) بالوصف (فأقام آخرُ بها بينة .. حولت إليه) لأن البينة حجة توجب الدفع، فقدمت على الوصف المجرد، (فإن تلفت عنده .. فلصاحب البينة تضمين الملتقط) لأنه سلّم ما لم يكن له تسليمُه، هذا إذا دفعه بنفسه، فإن ألزمه به حاكم يراه .. فلا ضمانَ عليه؛ لعدم تقصيره، (والمدفوعِ إليه) لأنه أخذ ما لم يكن له أخذهُ، (والقرارُ عليه) أي: على المدفوع إليه؛ لتلفه في يده.

نعم؛ لو كان الملتقط قد أَقَرّ للواصف بالملك ثم غرم .. لم يرجع على المدفوع إليه؛ لأنه يزعم أن المدعي ظلمه، فلا يظلم الغير، وتوقف فيه ابن أبي الدم.

(قلت: لا تحل لقطة الحرم للتملك على الصحيح) بل للحفظ أبدًا، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللهُ، لَا تلتَقَطُ لُقَطَتُهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا" متفق عليه (١).

وفي رواية للبخاري: "لَا تَحِلُّ لُقَطَته إِلَّا لِمُنْشِدٍ" (٢)، قال الشافعي: أي:


(١) صحيح البخاري (١٥٨٧)، صحيح مسلم (١٣٥٣) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢) صحيح البخاري (١٥٨٧) عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو عند مسلم برقم (١٣٥٥) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>