للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَنْ يَرَاهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَإِنْ سَبَقَ وَاحِدٌ فَالْتَقَطَهُ .. مُنِعَ الآخَرُ مِنْ مُزَاحَمَتِهِ، وَإِنِ الْتَقَطَاهُ مَعًا وَهُمَا أَهْلٌ .. فَالأَصَحُّ: أَنَّهُ يُقَدَّمُ غَنِيٌّ عَلَى فَقِيرٍ، وَعَدْلٌ عَلَى مَسْتُورٍ، فَإِنِ اسْتَوَيَا .. أُقْرِعَ.

===

من يراه منهما، أو من غيرهما) لأنه لا حقَّ لهما قبل الأخذ فيفعل الأحظ له.

(وإن سبق واحد فالتقطه .. منع الآخر من مزاحمته) عملًا بالسبق.

واحترز بقوله: (فالتقطه): عما لو سبقه إلى الوقوف على رأسه ولم يأخذه؛ فإنه لا حقَّ له في الأصحِّ.

(وإن التقطاه معًا وهما أهل) للحضانة ( .. فالأصحُّ: أنه يقدم غني على فقير) لأنه أرفق بالطفل، فربما يواسيه بماله، وقطع به جماعة، والثاني: يستويان، لأن نفقة اللقيط لا تجب على ملتقطه، فلا فرق بين الغني والفقير، ولا عبرةَ بتفاوتهما في الغنى على الأصحِّ في "زيادة الروضة" (١).

(وعدل على مستور) احتياطًا للقيط، والثاني: هما سواء؛ لأن المستور لا يسلم مزية الآخر، ويقول: لا أترك حقي بأن لم تعرفوا حالي.

(فإن استويا) في الصفات المعتبرة وتشاحّا ( .. أقرع) على النصِّ (٢)؛ إذ ليس أحدهما أولى من الآخر، وتركه في يدهما مشق، والمهايأة تضر الطفل؛ لتبدّل الأيدي عليه.

وقد كانت القرعة في الكفالة في شرع مَنْ قبلَنا في قصة مريم، قال الله تعالى {يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ}؛ أي: اقترعت الأحبار على كفالتها بإلقاء أقلامهم، ولم يرد في شرعنا ما يخالفه.

ومن الصفات المقدِّمة: أن يكون محل إقامة أحدهما أرفقَ بالطفل من محلّ الآخر، ويتساوى المسلم والذمي في اللقيط المحكوم بكفره على الأصحِّ.

والمراد بالحضانة هنا: حفظه وحفظ ماله وتربيته، لا الأعمالُ المتقدمة في الإجارة.


(١) روضة الطالبين (٥/ ٤٢٠).
(٢) مختصر المزني (ص ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>