للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْجُعْلِ مَعْلُومًا، فَلَوْ قَالَ: (مَنْ رَدَّهُ .. فَلَهُ ثَوْبٌ أَوْ أُرْضِيهِ) .. فَسَدَ الْعَقْدُ وَلِلرَّادِّ أُجْرَةُ مِثْلِهِ

===

الجهالة .. فمع العلم أولى، والثاني: المنع؛ للاستغناء بالإجارة.

ويشترط في العمل: كونه فيه كلفة، غير واجب عليه، ولا توقيت فيه.

فخرج بالقيد الأول: ما لو قال: (من ردَّ مالي .. فله كذا)، فرده من كان في يده، فإن كان في ردِّه كلفة؛ كالآبق .. استحقَّ الجعل، وإن لم يكن؛ كالدراهم والدنانير .. فلا؛ لأن ما لا كلفة فيه لا يقابل بالعوض.

وبالقيد الثاني: ما لو قال: (من دلني على مالي .. فله كذا)، فدلَّه مَنِ المالُ في يده .. لم يستحق شيئًا؛ لأن ذلك واجب عليه شرعًا، فلا يأخذ عليه عوضًا، وإن كان في يد غيره فدلَّه عليه .. استحقَّ، لأن الغالب أنه تلحقه مشقة بالبحث عنه.

وبالقيد الثالث: ما لو قال: (من ردَّ آبقي إلى شهر .. فله كذا) فإنه لا يصحُّ؛ كما نقلاه عن القاضي أبي الطيب وأقراه (١).

(ويشترط) لصحة العقد (كون الجُعل معلومًا) لأنه عقد جُوّز للحاجة، ولا حاجة لجهالة العوض، بخلاف العمل.

(فلو قال: "من رده .. فله ثوب أو أُرضيه") ونحوه ( .. فسد العقد) لجهالة العوض، (وللراد أجرة مثله) كما في الإجارة الفاسدة، ويستثنى مسألتان:

الأولى: مسألة العلج؛ وهي ما لو قال الإمام: (من دلَّني على قلعة كذا .. فله منها جارية) فإنه يصحُّ، وسيأتي في (السير).

الثانية: ما إذا قال: (حُجّ عني وأعطيك نفقتك) فإنه جائز على ما ذكراه في (كتاب الحج)، لكن نصَّ الشافعي في "الأم" على البطلان (٢).

ومنع بعضهم استثناء الثانية وإن قلنا بالجواز، لأن هذا إرزاق لا جعالة، وإنما يكون جعالة إذا جعله عوضًا فقال: (حُجّ عني بنفقتك)، وقد صرح الماوردي في


(١) الشرح الكبير (٦/ ٢٠٣ - ٢٠٤)، روضة الطالبين (٥/ ٢٧٥).
(٢) الشرح الكبير (٣/ ٣٠٨)، روضة الطالبين (٣/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>