للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُمَّ يقضى دُيُونه، ثُمَّ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي، ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ. قُلْتُ: فَإِنْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حَقٌّ كَالزَّكَاةِ وَالْجَانِي وَالْمَرْهُونِ وَالْمَبِيعِ إِذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا .. قُدِّمَ عَلَى مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ

===

"الروضة" في (باب الفلس) عن نصِّ الشافعي واتفاق الأصحاب (١).

(ثم تقضى ديونه) لقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} ويبدأ بدين الله تعالى؛ كالزكاة والكفارة والحجِّ، ويقدم على دين الآدمي على الأصحِّ، (ثم وصاياه من ثلث الباقي) للآية المذكورة.

وأتى المصنف بـ (ثم) لينبه على أن الدَّين مُقدَّم على الوصية، وحكى القرطبي الإجماع عليه (٢)، وانفرد أبو ثور، فقدم الوصية؛ لظاهر الآية، وإنما قدمت الوصية في الآية؛ لأنها لما أشبهت الميراث في كونها بلا عوض .. كان في إخراجها مشقة على الوارث، فقدمت حثًّا على إخراجها.

(ثم يقسم الباقي بين الورثة) على ما سيأتي تفصيله.

(قلت: فإن تعلق بعين التركة حق؛ كالزكاة والجاني والمرهون والمبيع إذا مات المشتري مفلسًا .. قُدِّم على مؤنة تجهيزه، والله أعلم) تقديمًا لحقِّ صاحب التعلّق على حقِّه؛ كما في حال الحياة لا يقال: لا حاجة إلى استثناء مسألة الزكاة؛ لأن الأصحَّ تعلقُها بالمال تعلق شركة، فقدر الزكاة ليس تركة؛ لأنا نقول: وإن كان التعلق تعلق شركة .. فلم يخرج عن التركة خروجًا كلِّيًا؛ بدليل أن المالك له دفع الزكاة من غيره بغير رضى المستحقين.

وأتى المصنف بـ (كاف) التشبيه؛ لينبه على عدم الحصر فيما ذكر، ووصلها بعض الفضلاء إلى عشر صور، ونظمها في بيتين فقال:

يُقَدَّمُ فِي الْمِيرَاثِ نَذْرٌ وَمَسْكَنٌ ... زَكَاةٌ وَمَرْهُونٌ مَبيعٌ لِمُفْلِسِ

وَجَانٍ قِرَاضٌ ثُمَّ قَرْضُ كِتَابَةٍ ... وَرَدٌّ بِعَيْبٍ فَاحْفَظ الْعِلْمَ تَرْأَسِ

وقد زدت على ذلك أربع عشرة مسألة ذكرتهُا في كتابي "المواهب السنية في شرح


(١) روضة الطالبين (٤/ ١٤٦).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (٥/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>