لا نعلم حياته عند موت صاحبه، فلم يرثه؛ كالجنين إذا خرج ميتًا، ولأنا إن ورثنا أحدهما فقط .. فهو تحكُّمٌ، وإن ورثنا كلًّا من صاحبه .. تيقنا الخطأ؛ لأنهما إن ماتا معًا .. ففيه توريث ميت من ميت، أو متعاقبين .. ففيه توريث من تقدم ممن تأخر، وحينئذ فيقدر في حقِّ كلِّ ميت أنه لم يخلف الآخر.
ودخل في قوله:(جهل أسبقهما) صورتان: ما إذا لم يعلم هل وقعا معًا أو بالتلاحق، أو علم التلاحق ولكن جهل السابق؛ فالحاصل: ثلاث صور لا يورث فيها: هاتان، وما إذا ماتا معًا، وخرجت صورتان: ما لو علم السابق واستمر، وهو واضح، أو علم ثم نسي .. فإنه يوقف الميراث إلى الصلح؛ لأن التذكر غير مأيوس منه.
وحاصل ما ذكره المصنف من الموانع: أربعة، وأهمل الدور الحكمي، وهو: أن يلزم مِنْ توريثه عدمُ توريثه؛ كما لو أقرَّ الأخ بابنٍ لأخيه الميت .. فإنه يثبت نسبه ولا يرث، وقد ذكره في (الإقرار)(١).
ولو أعتق المريض أمة تخرج من ثلثه، وتزوجها ثم مات .. فالأصحُّ: صحة النكاح، ولا ترث؛ لأن إرثها يؤدي إلى نفيه؛ فإن عتقها في المرض وصية لها، والوصية لا تصح للوارث، فلو ورثناها .. لبطل عتقها.
(ومن أسر، أو فقد وانقطع خبرُه .. ترك ماله حتى تقوم بيِّنةٌ بموته، أو تمضي مدة يغلب على الظن أنه لا يعيش فوقها، فيجتهد القاضي ويحكم بموته) لأن الأصل بقاءُ الحياة، فلا يورث إلا بيقين، أما عند البينة .. فظاهر، وأما عند مضي المدة مع الحكم .. فلتنزيله منزلة قيام البينة.
وأفهم كلامه: أمرين: أحدهما: أن هذه المدة لا تتقدر، وهو الصحيح، وقيل: تتقدر بسبعين سنة، وقيل: بمئة وعشرين سنة؛ فإنه العمر الطبيعي عند