العلماء بالقراءات علماء قطعًا يصرف إليهم من الوصية للعلماء، ومن الوقف عليهم؛ كما قاله ابن الرفعة، قال: بل هم أولى الناس بهذا، والمراد بالمعبر: مفسر المنام، والأفصح: عابر؛ لأنه يقال: عبرت - بالتخفيف - كما قال تعالى:{لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}.
وبالأديب: النحوي، وقال ابن يونس: ينبغي أن يدخل؛ لانبناء الفقه عليه.
(وكذا متكلم عند الأكثرين) للعرف، ونقله العبادي في "زياداته" عن النصِّ، وقيل: يدخل، ومال إليه الرافعي.
واقتضى كلامه: أن الدليل يقتضي التسوية بينه وبين المحدث والمقرئ، فإما أن يستووا في الدخول كلهم، أو في الخروج، ولأجل هذا التوقف عدل المصنف عن الأصحِّ إلى قوله:(عند الأكثرين).
وقال السبكي ما حاصله: إن العلم بالله وصفاته وما يجب له وما يستحيل عليه؛ ليرد على المبتدعة، ويميز بين الاعتقاد الفاسد والصحيح، وتقرير الحق ونمره .. من أجلِّ العلوم الشرعية، والعالم به من أفضلهم، ويصرف إليه من الوصية للعلماء والوقف عليهم.
ومَنْ دأبُه الجدل والشبه وخبط عشواء في الحق والباطل، والزيادة عليه إلى أن يكون مبتدعًا، أو داعيًا إلى ضلالة .. فذلك باسم الجهل أحق. انتهى.
وهذا هو القسم الذي أنكره الإمام الشافعي رضي الله عنه وقال: لأن يلقى العبدُ ربه بكلِّ ذنب ما خلا الشرك .. خيرٌ من أن يلقاه بعلم الكلام.
وأما القسم الأول: فهو الذي عدوه في (كتاب السير) من فروض الكفايات.
قال السبكي: وكذا الصوفية ينقسمون إلى هذين القسمين، وذكر في ذلك كلامًا نفيسًا، وقال في آخره: ومن كان من هؤلاء الصوفية المتأخرين؛ كابن عربي وابن سبعين والقطب القونوي والعفيف التلمساني .. فهؤلاء ضلال جهال خارجون عن طريق الإسلام؛ فضلًا عن العلماء (١).
(١) انظر "النجم الوهاج" (٦/ ٢٨٥ - ٢٨٦)، و "مغني المحتاج" (٣/ ٨٠).