للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَهُمَا الاسْتِرْدَادُ وَالرَّدُّ كُلَّ وَقْتٍ. وَأَصْلُهَا: الأَمَانَةُ، وَقَدْ تَصِيرُ مَضْمُونَةً بِعَوَارِضَ: مِنْهَا: أَنْ يُودِعَ غَيْرَهُ بِلَا إِذْنٍ وَلَا عُذْرٍ، فَيَضْمَنُ، وَقِيلَ: إِنْ أَوْدَعَ الْقَاضِيَ .. لَمْ يَضْمَنْ. وَإِذَا لَمْ يُزِلْ يَدَهُ عَنْهَا .. جَازَتِ الاسْتِعَانَةُ بِمَنْ يَحْمِلُهَا إِلَى الْحِرْزِ أَوْ يَضَعُهَا فِي خِزَانَةٍ مُشْتَرَكَةٍ. وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا .. فَلْيَرُدَّ إِلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ،

===

و"الشامل" و"البيان" (١)، وبعزل المالك، وبالجحود المضمن، وبكل فعل مضمن، وبالإقرار بها لآخر، وبنقل الملك فيها ببيع ونحوه.

(ولهما الاسترداد والرد كلَّ وقت) أي: للمودِع أن يسترده متى شاء؛ لأنه المالك، وللمودع الردُّ كذلك؛ لأنه متبرع بالحفظ.

(وأصلها: الأمانة) فلو تلفت بلا تفريط .. لم يضمن؛ لأن الله تعالى سماها أمانة، والضمان ينافيه، ولأن المودعَ يحفظها للمالك، فيدُه كيده، ولو ضمن المودَع .. لرغب الناس عن قبول الودائع.

(وقد تصير مضمونة بعوارضَ؛ منها: أن يودع غيره بلا إذن ولا عذرٍ، فيضمن) لأن المالك لم يرض بأمانة غيره ولا يدِه، (وقيل: إن أودع القاضي .. لم يضمن) لأن أمانة القاضي أظهر من أمانته، والصحيح: الضمان؛ لأنه مع حضور المالك أو وكيله لا ولاية للقاضي عليه، وفي غيبتهما لا ضرورة بالمودع، ولم يرض المالك بيد غيره.

(وإذا لم يُزِل يده عنها .. جازت الاستعانة بمن يحملُها إلى الحرز) (ولو أجنبيًّا، (أو يضعُها في خِزانة مشتركة) بينه وبين المعين، كما لو كانت خزانته وخزانة ابنه واحدة فدفعها إلى ابنه ليضعها في الخزانة المشتركة؛ لجريان العادة به؛ كما لو استعان في سقي البهيمة وعلفها.

وكان حقه أن يقول: (وإذا لم يزل يده عنها ولا نظرَه) كما صرح به ابن سُرَيج، قال الرافعي: وتابعوه (٢).

(وإذا أراد سفرًا) (وإن قَصُر ( .. فليرد إلى المالك أو وكيله) المطلق، أو في


(١) الحاوي الكبير (١٠/ ٤١٧)، البيان (٦/ ٤٧٥).
(٢) الشرح الكبير (٧/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>