للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَرْبِ، فَلَوْ رَمَى مِنْ حِصْنٍ أَوْ مِنَ الصَّفِّ أَوْ قَتَلَ نَائِمًا أَوْ أَسِيرًا أَوْ قَتَلَهُ وَقَدِ انْهَزَمَ الْكُفَّارُ .. فَلَا سَلَبَ. وَكِفَايَةُ شَرِّهِ: أَنْ يُزِيلَ امْتِنَاعَهُ؛ بِأَنْ يَفْقَأَ عَيْنَيْهِ أَوْ يَقْطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ،

===

الحرب)، هذه قيود ثلاثة بيّنها من بعدُ، والضمير في (به): يعود على (ركوب) أو (غرر)، وهما سواء.

(فلو رمى من حصن أو من الصف، أو قتل نائمًا أو أسيرًا، أو قتله وقد انهزم الكفار .. فلا سلب) لأنه في مقابلة ارتكاب الخطر والتغرير بالنفس في القتل ونحوه، وهو منتفٍ ههنا.

والمراد: انهزام الكفار بالكلية، أما لو فروا عن قرب وكان ذلك عن خديعة، أو تحيزوا إلى فئة .. فإن حكم القتال باقٍ وليست هزيمة حقيقية؛ كما أشار إليه الماوردي (١)، وهو ظاهر.

وقوله: (من الصف): عبارة "المحرر" (من وراء الصف)، وكذا كتبها المصنف بخطه في "المنهاج"، ثم ضرب على لفظة (وراء)، والصورتان في "الروضة" و"الشرحين" (٢)، فأتى "المنهاج" بما ليس في "أصله"؛ لكونه يفهم منه ما في "أصله" من طريق الأولى، قال السبكي: وهو حسن لمن لا يلتزم في الاختصار معنى الأصل، وإلا .. لم يحسن.

(وكفاية شره: أن يزيل امتناعه؛ بأن يفقأ عينيه، أو يقطع يديه ورجليه) فإنه صلى الله عليه وسلم أعطى سلب أبي جهل لمثخنه دون قاتله (٣)، فدل على أن المناط: كفاية الشر.

وعبارة "الروضة": (بأن يعميه)، وهي أحسن من تعبير "المنهاج"، لشمولها مَن بعين واحدة، ومن ضرب رأسه فأذهب ضوء عينيه، وعبارة "المحرر": (أن يقتله، أو يزيل امتناعه) (٤)، فاقتصر المصنف على الثاني؛ ليفهم الأولى من باب أولى.


(١) الحاوي الكبير (١٠/ ٤٤٠).
(٢) المحرر (ص ٢٨٣)، روضة الطالبين (٦/ ٣٧٢)، الشرح الكبير (٧/ ٣٥٧ - ٣٥٨).
(٣) أخرجه البخاري (٣١٤١)، ومسلم (١٧٥٢) عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.
(٤) روضة الطالبين (٦/ ٣٧٣)، المحرر (ص ٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>