للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي اسْتِحْبَابِ الصَّدَقَةِ بِمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا: إِنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ. . اسْتُحِبَّ، وَإِلَّا. . فَلَا.

===

قال المحب الطبري: وفي إطلاق التحريم فيما يحتاج إليه لنفقة من تلزمه نفقته نظر؛ فإن كبار الصحابة رضي الله عنهم كانوا يؤثرون في حال الضرورة، ويخرجون من جميع أموالهم، ولا يتركون لعيالهم شيئًا؛ كقصة الصديق رضي الله عنه، وكثير من السلف كذلك، والظاهر: اختلاف الحكم باختلاف الأحوال.

ويستثنى من تحريم الصدقة بما يحتاج إليه لنفقة من تلزمه نفقته: ما إذا كان من وجبت له مطلق التصرف ورضي بذلك وآثر به، فإن الأفضل له: التصدق فيما يظهر؛ كما قاله صاحب "المطلب"، ونقله الزركشي عن تصريح ابن أبي عصرون في كلامه على قصة الصديق رضي الله عنه.

ومحل ما ذكره المصنف: في الدين الحال، أما المؤجل. . فقال ابن الرفعة: ينبغي أن يلتحق بما إذا احتاج إليه في نفقة عياله في المستقبل، قال الأَذْرَعي: وقد يفرق بشغل ذمته به الآن، بخلاف نفقة العيال في المستقبل، وحيث حرم عليه التصدق. . هل يملك المتصدق عليه ما دفعه إليه؟ قال ابن الرفعة: يشبه: أن يكون على الوجهين فيما إذا وهب الماء الذي يحتاجه بعد دخول الوقت (١).

(وفي استحباب الصدقة بما فضل عن حاجته) أي: حاجة نفسه وحاجة عياله وقضاء دينه (أوجه: أصحها: إن لم يشق عليه الصبر. . استحب) لقصة الصديق رضي الله عنه في تصدقه بجميع ماله، وقبله النبي صلى الله عليه وسلم منه، كما صححه الترمذي (٢).

(وإلا. . فلا) يستحب، وقال الغزالي والعمراني: يكره (٣)، وبهذا جمع بين الأحاديث المختلف ظواهرها، والثاني: لا يستحب بالفاضل مطلقًا؛ لحديث:


(١) كفاية النبيه (٦/ ٢١٨).
(٢) سنن الترمذي (٣٦٧٥) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(٣) الوسيط (٤/ ٥٧٧)، البيان (٣/ ٤٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>