للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَلِي الْكَافِرُ الْكَافِرَةَ

===

تنتقل الولاية إلى الأبعد، وقيل: يزوج السلطان.

والثاني: يلي، وبه أفتى أكثر المتأخرين لا سيما الخراسانيون؛ كما قاله الشيخان (١) واستدلوا له بكثرة عقود الأنكحة، وكثرة الظلمة والفسقة، ويزوجون بناتهم ولم يعترض أحد عليهم في الأعصار القديمة، قال السبكي: وهذا الاستدلال ليس بقوي؛ لأن ذلك مختلف فيه، فلا ينكر وقد يتعذر الإنكار، وصحح الشيخ عز الدين: أنه يلي، وعلله بأن الوازع الطبعي أقوى من الوازع الشرعي، وفي "زيادة الروضة" عن الغزالي: أنه إن كان بحيث لو سلبناه الولاية .. لانتقلت إلى حاكم يرتكب ما نفسقه به .. وُلِّيَ، وإلا .. فلا، قال المصنف: وهذا الذي قاله حسن، وينبغي العمل به، واختاره ابن الصلاح في "فتاويه" (٢)، وقواه السبكي تفريعًا على انعزال القاضي بالفسق، قال: وأما إن لم نعزله به .. فهو أولى من الفاسق القريب.

ويستثنى من منع ولاية الفاسق: الإمام الأعظم؛ فالأصحُّ تفريعًا على عدم انعزاله بالفسق -وهو الأصحّ-: أنه يزوج بناته وبنات غيره بالولاية العامة؛ تفخيمًا لشأنه.

(ويلي الكافر) الأصلي (الكافرة) لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} ولأنه قريب ناظر، وعن الحليمي: أنه لا يلي تزويجها من مسلم؛ كما لا ينعقد بشهادته.

وفرق الأول: بأن الشهادة محض ولاية على الغير، فلا يؤهل لها الكافر، والولي في التزويج كما يرعى حظ المولية يرعى حظ نفسه بتحصينها، ودفع العار عن النسب.

وعلى مقابلة الحليمي: إذا أراد المسلم تزويج ذمية .. زوّجه بها القاضي.

ومحل ما ذكره المصنف: إذا لم يرتكب محظورًا في دينه، وإلا .. فكتزويج الفاسق بنته.

واقتضى كلام المصنف: أن الكافر لا يلي المسلمة، وهو إجماع، وأن المسلم لا يلي الكافرة، وهو كذلك.


(١) الشرح الكبير (٧/ ٥٥٤)، روضة الطالبين (٧/ ٦٤).
(٢) روضة الطالبين (٧/ ٦٤)، فتاوى ابن الصلاح (٢/ ٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>