للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَطْهُرُ نَجِسُ الْعَيْنِ إِلَّا خَمْرٌ تَخَلَّلَتْ، وَكَذَا إِنْ نُقِلَتْ مِنْ شَمْسٍ إِلَى ظِلٍّ وَعَكْسُهُ فِي الأَصَحِّ، فَإِنْ خُلِّلَتْ بِطَرْحِ شَيْءٍ .. فَلَا، وَجِلْدٌ نَجِسَ بِالْمَوْتِ، فَيَطْهُرُ بِدَبْغِهِ ظَاهِرُهُ، وَكَذَا بَاطِنُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ،

===

وفائدةُ الخلاف: وجوب غَسل ذكر الْمُجامع، ووجوبُ غَسل البَيْضِ.

(ولا يَطهر نَجِسُ العين) بغسل ولا استحالة؛ لأن الغسل شُرع لإزالة ما طرأ على العين، وذلك مُنتف هنا، وأما الاستحالة .. فلأن العين باقيةٌ، وإنما تغيرت صفاتهُا، (إلَّا خمرٌ تَخلَّلتْ) بنفسها، ولم يقع فيها عينٌ بالإجماع.

(وكذا إن نُقِلَتْ من شمسٍ إلى ظِلٍّ، وعَكسُه في الأصح) لما سيأتي في المسألة بعدها.

(فإن خُلِّلَتْ بطرحِ شيءٍ) كملح ونحوه ( .. فلا) تطهر، ويَحرُم ذلك؛ لأنه عليه الصلاة والسلام سُئِلَ عن الخمر تتّخَذُ خلًّا؟ فقال: "لَا" (١).

واختلفوا في علته، فقيل: لأنه استعجل إلى مقصودِه بفعلِ محرمٍ، فعوقب بنقيض قصدِه؛ كما لو قتل مورثه، وقيل: لأن المطروحَ يتنجس بالملاقاة، ولا مزيلَ لنجاسته، فيكون منجسًا للخَلِّ بتقدير انقلابه، وهذا أصحُّ.

وتنبني على التعليلين المسألةُ قبلها، فلا تطهر على الأول، وتطهر على الثاني.

(وجلدٌ نَجُسَ بالموت، فيطهر بدبغه ظاهرُه، وكذا باطنُه على المشهور) لإطلاق قوله عليه الصلاة والسلام: "إِذَا دُبِغَ الإهَابُ .. فَقَدْ طَهُرَ" (٢)، والثاني: لا يطهر باطنُه؛ لأن الدواءَ لا يصل إليه، وضُعِّف بأن خاصية الحريفة تصل بواسطة الماء، ورطوبة الجلد، فعلى الثاني: لا يباع، ويُصلَّى عليه لا فيه، ويُستعمل في الأشياء الجافَّةِ، دون الرطبة، وعلى الأول: يجوز كلُّ ذلك.

وقوله: (وجلد) قد يُخرج الشعر الذي عليه، والأظهر: أنه لا يطهر؛ لأن الشعر لا يتأثر بالدباغ، والثاني: يطهر تبعًا للجلد، وصححه جمع من الأصحاب، واختاره السبكي في بعض مجاميعه، وقال: إنه الذي أفتي به، كذا نقله عنه ولده في


(١) أخرجه مسلم (١٩٨٣) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٢) أخرجه مسلم (٣٦٦) عن ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>