للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَانْدَفَعَتِ الأَمَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَنكَاحُ الْكُفَّار صَحِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: فَاسِدٌ، وَقِيلَ: إِنْ أَسْلَمُوا وَقُرِّرَ .. تبَيَّنَّا صِحَّتَهُ، وَإِلَّا .. فَلَا

===

(واندفعت الأمة على المذهب) لأنا لا ننظر في نكاح الأختين إلى التقدم والتأخر، فكذلك في نكاح الحرة والأمة، ومنهم: من خرج اندفاع نكاح الأمة على قولين؛ بناء على أن الاختيار والإمساك كابتداء العقد أو كاستدامته، وهو المقابل للمذهب في كلامه.

اعلم: أن ترجيح الاندفاع مخالف لما مرّ من تجويز الإمساك في عدة الشبهة والإحرام الطارئين؛ فإن ذلك على الاستدامة، وهذا على الابتداء، وفرق الرافعي بينهما: بأن نكاح الأمة بدل يعدل إليه عند تعذر الحرة، والأبدال أضيق حكمًا من الأصول، فجرينا على التضييق اللائق به (١).

(ونكاح الكفار صحيح على الصحيح) لقوله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} , {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} , ولأنا لا نبطله بالترافع إلينا، ونقرره بالإسلام، والفاسد لا ينقلب صحيحًا ولا يقرر عليه.

وقوله: (صحيح) منتقد؛ إذ الصحة حكم شرعي ولم يَرِد به، وعبارة "الروضة" محكوم بصحته (٢)، قال السبكي: ونعمّا هي، والمختار عندي: أنه صحيح إن وقع على وفق الشرع، وإلا .. فمحكوم بصحته رخصة.

(وقيل: فاسد) لعدم مراعاتهم الشروط لكن لا يفرق بينهم لو ترافعوا إلينا؛ رعاية للعهد والذمة، ونقرهم بعد الإسلام رخصة وخشية من التنفير.

(وقيل: إن أسلموا وقُرِّر .. تبينّا صحته، وإلا .. فلا) (٣) إذ لا يمكن القول بصحتها؛ لمخالفتها الشرع، ولا بالفساد؛ لأنه يقرّ عليها بعد الإسلام، والصواب في "الروضة": تخصيص الخلاف بالعقود التي يحكم بفساد مثلها في الإسلام لا في كل عقودهم، فلو عقدوا على وفق الشرع .. صح بلا خلاف (٤).


(١) الشرح الكبير (٨/ ٩٤).
(٢) روضة الطالبين (٧/ ١٥٠).
(٣) في (ز): (وقيل: إن أسلما وقرر).
(٤) روضة الطالبين (٧/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>