للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالأَصَحُّ: صِحَّةُ تَعْلِيقِ الْعَبْدِ ثَالِثَةً؛ كَقَوْلهِ: (إِنْ عَتَقْتُ أَوْ إِنْ دَخَلْتِ .. فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا)، فَيَقَعْنَ إِذَا عَتَقَ أَوْ دَخَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ. وَيَلْحَقُ رَجْعِيَّةً لَا مُخْتَلَعَةً. وَلَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولٍ فَبَانَتْ ثُمَّ نَكَحَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ .. لَمْ يَقَعْ إِنْ دَخَلَتْ فِي الْبَيْنُونَةِ،

===

عن زيد بن علي بن الحسين يسنده عن آبائه رضي الله عنهم: أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ إن أمي عرضت علي قرابة لها، فقلت: هي طالق إن تزوجتها، فقال صلى الله عليه وسلم: "هَل كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِلْكٌ؟ " قلت: لا، قال: "لَا بَأْسَ" (١)، فإنّ هذا صريح في بطلان التعليق، فيكون الحديث الأول على عمومه.

ونَاظَرَ الكسائي أبا يوسف في هذه المسألة، وتعلق بقولهم: السيل لا يسبق المطر، وتعليق العتق بالملك كتعليق الطلاق بالنكاح بلا فرق.

(والأصح: صحة تعليق العبد ثالثة؛ كقوله: "إن عتقت، أو إن دخلت .. فأنت طالق ثلاثًا" فيقعن إذا عتق أو دخلت بعد عتقه) لأن ملك النكاح مفيد لملك الطلقات الثلاث بشرط الحرية، وقد وُجد، والثاني: لا يصح؛ لأنه لا يملك تنجيزها، فلا يملك تعليقها؛ كالطلاق قبل النكاح، قال الرافعي: ويجري الوجهان في قوله لأمته الحائل: (إذا ولدت .. فولدك حر) (٢)، فلو كانت حاملًا عند التعليق .. عتق قطعًا.

(ويلحق) الطلاق (رجعيةً) لأنها في حكم الزوجات، قال الشافعي: الرجعية زوجة في خمس آيات في كتاب الله (٣)، يريد بذلك لحوق الطلاق، وصحة الظهار، واللعان، والإيلاء، والميراث، (لا مختلعة) لقطع الزوجية؛ إذ لو كانت زوجة .. لثبت له الرجعة، وصَحَّ إيلاؤه منها ونحوه.

(ولو علقه بدخول) بصيغة (إن) ونحوها مما لا يقتضي التكرار (فبانت ثم نكحها ثم دخلت .. لم يقع إن دخلت في البينونة) حتى إذا علق الطلاق الثلاث بالدخول .. فبانت، ودخلت في البينونة، ثم دخلت بعد النكاح .. لم يقع؛ لأن اليمين تناولت


(١) سنن الدارقطني (٤/ ١٩ - ٢٠).
(٢) الشرح الكبير (٨/ ٥٧٦).
(٣) مختصر المزني (ص ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>