للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: لَا شَيْءَ

===

قوله: (ثلاثًا) لوقوعه بعد موتها، (وقيل: لا شيء) إذ الكلام الواحد لا يتبعض، وقد ماتت قبل تمامه.

وتظهر فائدة الخلاف في المدخول بها هل يرثها أم لا؟ فعلى الأول: لا يرثها، وعلى الآخرَين: يرثها، وترجيح الأول تبع فيه "المحرر" فإنه قال: إنه رُجِّحَ، ونقلا تصحيحه في "الروضة" و"أصلها" عن البغوي، ثم قالا: وقال إسماعيل البُوشَنْجي: الذي تقتضيه الفتوى: أنه إن نوى الثلاث بقوله: (أنت طالق)، وقصد تحقيقه باللفظ .. وقع الثلاث، وإلا .. فواحدة، وكذا قال المتولي في تعبيره عن هذا الوجه. انتهى (١)، قال في "التوشيح": ويظهر ترجيح ما قاله البُوشَنْجي، وكأنه تحقيق مناط، وقال الأَذْرَعي: إن كان التصوير كما ذكره البُوشَنْجي .. فلا شك في رجحان ما قاله، لكن الظاهر: أن الذي أراده الأصحاب: أنه قصد أولًا الطلاق بمجموع قوله: (أنت طالق ثلاثًا) فهذا محل الأوجه، وحينئذ يقوي وقوع طلقة؛ لأن الثلاث والحالة هذه إنما تقع بمجموع اللفظ.

وذكر الموت في كلام المصنف مثال، ومثله ما إذا ارتدت، أو أسلمت قبل قوله: (ثلاثا) في غير المدخول بها، وكذا لو أخذ شخص على فمه ومنعه أن يقول: (ثلاثًا).

واحترز بقوله: (ولو أراد أن يقول: "أنت طالق ثلاثًا") عما لو قال: (أنت طالق)، على عزم الاقتصار عليه، فماتت، فقال: (ثلاثًا)، قال: الإمام: لا شك أن الثلاث لا تقع بل تقع واحدة (٢)، وحاول الرافعي تخريج وجه بعدم وقوع الواحدة أيضًا.

واختلفوا في قوله: (أنت طالق ثلاثًا)، كيف سبيله؟ فقيل: قوله: (ثلاثًا) منصوب بالتفسير والتمييز، قال الإمام: وهذا جهل بالعربية (٣)، وإنما هو صفة


(١) المحرر (ص ٣٣١)، روضة الطالبين (٨/ ٧٦ - ٧٧)، الشرح الكبير (٩/ ٥).
(٢) نهاية المطلب (١٤/ ٩٤).
(٣) ووجهه: أن التمييز يجب أن يكون اسمًا غير صفة، وإلا .. لم يرفع الإبهام، ألا ترى أنك لو قلت: (امتلاء الإناء صافيًا) .. لم يعلم أي شيء هو، لكن إذا أتي بالاسم، وجعل تمييزًا .. جاز أن يؤتى بعده بصفته، نحو: امتلاء الإناء ماء صافيًا. اهـ هامش (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>